الإبداع والتغييرمهارات التعامل مع الآخرينمهارات التفاوض وحل النزاعمهاراتنا

النزاع يطلق أفكارًا جديدة ويولِّد الإبداع

يمكن أن يكون النزاع مفيداً، فهو رد فعل إيجابي للتوتر الذي يولد الرغبة في تحقيق والتغلب على التحديات. يتجنب معظم الناس النزاع لأنه يخلق قدرًا كبيرًا من عدم اليقين وعدم الراحة والقلق. يعمل النزاع على تنشيط آلية الحماية الذاتية للمواجهة أو الهروب، مما يتسبب في شعور الكثير منا بالتوتر والضغط. يبدأ البعض منا بالتوتر والانفعال، والأصوات تميل إلى الارتفاع وغالبًا ما تُقال الأشياء من باب ردود الفعل، وتتأذى المشاعر وفي بعض الأحيان تتدمر العلاقات. لا عجب أن الكثير منا يريد تجنُّب النزاع بأي ثمن، ومع ذلك، إن النزاع يطلق أفكاراً جديدة ويولِّد الإبداع. وبالتالي تنشأ الحلول الأكثر ابتكارًا وإبداعاً، والتي بدورها تعتبر من فوائد النزاع.

فوائد النزاع

1. يولِّد أفكار جديدة

عندما يتم طرح الآراء والأفكار والتعبير عنها، فإننا نتيح للآخرين بالتعبير عن وجهة نظرهم لضبط الحقيقة التي نتواصل معها. حيث يمكن أن يتشكل منظورنا بشكل أكبر ضد منظورهم. لطالما كان النزاع يطلق أفكاراً جديدة ويولِّد الإبداع الذي يصقل أفكارنا وآراءنا. وعند سماع تصوُّر ووجهة نظر الآخرين، فإنه يساعدنا بشكل غير مباشر على إعادة تشكيل وتوضيح تصوراتنا وأفكارنا. ويجعلنا أيضاً أكثر وضوحًا والتزامًا بموقفنا، ويفتح أعيننا على وجهات نظر جديدة حول أفكارنا. وبالتالي النزاع هو وسيلة فعالة لتوليد أفكار وحلول جديدة، واكتساب الثقة وتطوير اتفاقيات وتفاهمات أعمق.

2. يوفِّر فرصة للتعبير

معظم الناس ليس لديهم القدرة للتعبير عن احتياجاتهم ورغباتهم، مما يؤدي إلى عدم حصولهم على ما يريدون. في كثير الأحيان، يوفر النزاع فرصة لنا للتعبير عن احتياجاتنا وماذا نريد. لذا تعبيرنا عن ذاتنا وإدراكنا لما نحن عليه وما ندافع عنه في مكان العمل يحدد إلى حد كبير مستويات نجاحنا. إضافة لذلك، هناك توازن يجب أن نحققه حيث يمكننا اتخاذ موقف بشأن قضايا كثيرة دون أن نكون عدوانيين، ودون أن نكون متساهلين بشكل كامل. وغالباً ما يجعلنا النزاع، أو المواجهة، أو التعبير والتحدث علانية، أكثر مرونة وأقل خوفًا عند السؤال عن احتياجاتنا وماذا نريد.

3. يعلِّم المرونة والانفتاح

إذا كنا في نزاع، فلن نجعل الآخرين يتأقلمون معنا ومع وجهات نظرنا فحسب. بل سنقوم أيضًا بالتكيُّف معهم ومع وجهات نظرهم. لذا علينا أن نضبط أنفسنا لأن مواقفنا ووجهات نظرنا ليست دائماً على صواب. فإذا أردنا تأكيد وجهات نظرنا لتكون على صواب، من المرجح أننا سندخل في نزاع مع الآخرين مستخدمين أحياناً أساليب تسلُّطية يكتنفها الغرور أيضاً. علماً أياً من هذه الأساليب ليست من أساليب القيادة الجيدة. وبما أن النزاع يطلق أفكاراً جديدة ويولِّد الإبداع، يجب أن نكون مرنين ونستثمر ذلك لتوليد وطرح أفكار جديدة في العمل. لذا كلما استطعنا أن نكون أكثر انفتاحًا ومرونة، كانت سمعتنا أفضل لكوننا قادة عمل ناجحين ومتميَّزين.

4. يعلِّم الإصغاء

في حين تعتبر القدرة على الاصغاء النشِط والفعَّال، مفتاح أي حل ناجح للنزاع، فإن معظم الناس يركزون على رغبتهم الوحيدة وهي الفوز، وليس لديهم قدرة على الإصغاء. كذلك فإن الإصغاء الفعَّال يتطلب منَّا الصبر والانضباط للسيطرة على دوافعنا للتحدث والتعبير عن غضبنا وانفعالاتنا. ويتطلب أيضاً أن نكون قادرين على وضع أنفسنا وأفكارنا جانباً حتى نتمكن من اتخاذ منظور آخر بالكامل. وبالتالي، عندما نُصغي فإن ذلك يتيح لنا الإصغاء الوصول إلى المعلومات التي نحتاجها لاتخاذ قرارات ذكية ومربحة.

5. يعرِّف الأنماط السلوكية

عندما ننخرط في النزاع، نتعرف على كيفية عمل الآخرين، وأسلوب تواصلهم، ووجهات نظرهم. إضافة الى ذلك تساعدنا معرفة الأنماط السلوكية للآخرين على أن نكون أكثر فعَّالية في علاقاتنا لأنها توفر مستوى معينًا من القدرة على التنبؤ عند وضع استراتيجيات تفاوضية لحل النزاعات. عندما نُصغي بفعَّالية، نتعرف على طريقة تفكير الناس ونكتسب نظرة ثاقبة حول كيفية عملهم، لأنها ذلك يساعدنا في تحديد أنماطهم والعمل ضمنها. كذلك يسمح لنا باحترام الحدود والتنبؤ بأين ومتى يمكننا التقدُّم دون أن نكون مسيئين مع الاستمرار في إنجاز الأعمال. وبالتالي تجعلنا معرفة الأنماط السلوكية أكثر استعدادًا وثقةً عند التعامل مع أي نوع من عدم اليقين أو النزاع.

6. يؤدي إلى الحلول

النزاع هو الباب الخلفي للتغيير لتوليد الابتكار والابداع، مما يؤدي إلى الحلول المناسبة لتستمر الأعمال وتزدهر. مع العلم أن التطوير والتغيير صعب لأنه يسبب عدم الراحة رغم تمسكنا بما نحن عليه رغم الحاجة الى الترقية والتطوير. لذلك قادة العمل الناجحين عليهم وضع استرتيجيات مضمونة لحل النزاعات التي تنشأ نتيجة مقاومة التطوير والتغيير. وبالتالي فإن النزاعات واسترراتيجيات حلها ستؤدي إلى حلول تساعد في تقدُّم الأعمال وازدهارها باستمرار.

7. يعزِّز التواصل والمشاركة

طالما أن النزاع جزء حيوي من العمل في المنظمات، فإن ممارسة مهارات التواصل، ضمن عملية حل النزاع، تساعدنا في نقل وجهة نظرنا بسبب التردد والخوف. علماً أن مهارة التواصل تتطلب ضبط النفس والصبر والذكاء. في حين أن النزاع صعب على الجميع، ولكن كلما انخرطنا في النزاع أصبحنا أفضل وسيلة للتواصل. مع العلم أن هذا لا يعني أننا يجب علينا ايجاد وخلق النزاع، لكن القصد هو عدم الخوف من التواصل والمشاركة في النزاع عندما ينشأ.

8. يساعد في وضع حدود

النزاع هو المكان المثالي لوضع الحدود وعقد اتفاقيات وتفاهمات جديدة تتماشى مع احترام ونزاهة جميع المعنيين، علماً أنه بدون الاحترام والتبادلية، لا يمكن أن تتطور الروابط الناجحة أو تزدهر الأعمال. بينما نتواصل مع الاحتياجات والحدود، نتعلم أيضًا الكثير عن أنفسنا، مما يجعلنا أكثر نجاحًا. حيث أن النزاع يعلِّمنا ما هي حدودنا، ومتى نتراجع ومتى ننشط لأنفسنا من خلال وضع حدود للآخرين والتراجع.

9. يعلِّم المثابرة وضبط النفس

لا يجب أن نكون عاطفيين طوال الوقت، فإذا أردنا أن نؤخذ على محمل الجد، يجب أن نتعامل مع النزاع بجدية. يجب أن نتعلَّم المحافظة على هدوئنا واستخدام أقل قدر من الكلمات لتوصيل وجهة نظرنا، مع الحفاظ على ثباتنا ومرونتنا عند تحديد استراتيجياتنا لحل النزاع. لذا فإن المثابرة وضبط النفس هما مفتاحان لحل النزاع بنجاح. عندما نتحكم في أنفسنا وعواطفنا، يمكن للناس أن يتواصلوا معنا بشكل أفضل، ويعتمدوا علينا ويثقوا في نوايانا.

10. يتيح التمايز

التمايز هو قدرتنا على قول حقيقتنا ووجهة نظرنا بوضوح كما نراها، مع الاستمرار في التواصل مع أولئك الذين لديهم وجهات نظر مختلفة عنَّا. علماً أنه يمكننا أن نتعلَّم الكثير عن هويتنا وحقيقتنا من خلال الاختلافات  التي لدينا مع الآخرين، حيث يوفر لنا النزاع الفرصة لوضع تمثيل حقيقي لأنفسنا. مع العلم أن التحدُّث بالحقيقة عن أنفسنا في خضم الخلاف هو أساس الصحة العاطفية والتواصل الناجح. وعليه عندما نتحدث عن الحقيقة حول من نحن وما نؤمن به، سوف يستوعب كل شخص في المحادثة معلوماتنا ويستجيب لها. مما يسمح للآخرين بالتكيُّف مع النجاحات التي تأتي من النزاع، لأن الهدف النهائي للنزاع هو الحل.

سيكون النزاع جزءًا منتظمًا من حياتنا العملية اليومية. كمدراء مستقبليين، كلما عرّضنا أنفسنا للنزاع، أصبحنا أفضل في التعامل معه، وأصبحنا أكثر نجاحًا. وبالتالي النزاع يُطلق أفكاراً جديدة ويولِّد الإبداع.

اظهر المزيد

د عاطف عوض

د عاطف عوض أستاذ جامعي تخصص إدارة موارد بشرية. خبرة أكثر من 25 سنة في مجال العمل الأكاديمي والإداري. استشاري في تطوير السياسات واستراتيجية الموارد البشرية المبتكرة. وكذلك خبرة طويلة في تطوير الممارسات المستقبلية بما في ذلك استراتيجيات التطوير الوظيفي وإدارة المواهب وبرامج التطوير واستراتيجيات الإدماج. القدرة على توجيه المشاريع المعقدة من المفهوم والأفكار إلى حالة التشغيل الكامل. مدرب دولي معتمد في مجال تطوير وتنمية الموارد البشرية والتطوير التنظيمي.
زر الذهاب إلى الأعلى