استشراف المستقبلالتكنولوجيا الذكيةمستقبلنامهارات الاستشراف

هل تطبيق ChatGPT  قادر على أداء وظيفة ممارسي استشراف المستقبل؟

في عالمنا سريع التغير والتطور التكنولوجي المتسارع، توجد إمكانيات لا حدود لها للتوسع والابتكار. لكنها تقدم في الوقت نفسه عقبات وشكوكًا لا حصر لها. على سبيل المثال، منذ أقل من سنة مضت، شهد العالم إطلاق ChatGPT ، وهي أداة قوية لمعالجة اللغة وأحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي. من هنا ظهر التساؤل عما إذا كان ChatGPT يدعم استشراف المستقبل ومهارات العمل الاستباقية. مما يضمن النجاح على المدى الطويل للمنظمات، ويدفعها لفهم التحديات المستقبلية والتكيُّف بشكل استباقي مع التغيير. علماً أنه من المرجَّح أن يزوِّد استشراف المستقبل المدعوم بالتكنولوجيا الذكية المنظمات بالقدرة على تحديد المخاطر والفرص المحتملة قبل ظهورها. مما يسمح لهم باتخاذ قرارات مستنيرة وتنفيذ التدابير المناسبة.

أهمية استشراف المستقبل للمنظمات الحديثة

في عالم الأعمال اليوم، خاصة مع السباق المستمر للذكاء الاصطناعي، يعتبر استشراف المستقبل من العوامل الرئيسية للبقاء في صدارة المنافسة. لأنه يشكِّل القدرة على التنبؤ والتكيف مع الاتجاهات والتقنيات والصعوبات والآفاق الناشئة. علاوةً على ذلك، استشراف المستقبل لا يتعلق فقط بالمخاطر وكيفية التخفيف منها، إنه يتعلق بإيجاد أو حتى خلق فرص جديدة. لذا، نظراً للتطورات الحديثة في صناعة الذكاء الاصطناعي التوليدي، فإن ChatGPT  يدعم استشراف المستقبل الذي يمكِّن المنظمات من رؤية المزيد من الفرص في الأفق.

كيف يعمل تطبيق ChatGPT

إن تطبيق ChatGPT  كنموذج لغوي، ليس لديه القدرة على التنبؤ بالأحداث المستقبلية أو فهم العواقب طويلة المدى للأفعال. حتى أنه يتعامل مع أي أسئلة موجهة نحو المستقبل بإخلاء مسؤولية قياسي، حيث يشير إلى صعوبة التنبؤ بمستقبل شيء معين لأنه سيعتمد على العديد من العوامل . إضافةً لذلك، ليس لديه القدرة على التفكير أو التخطيط أو حل المشكلات بنفس الطريقة التي يستطيع بها الإنسان. بالتالي، كل ما يفعله تطبيق ChatGPT ، هو توليد استجابات محادثة من خلال توقُّع الكلمة التالية في تسلسل بناءً على الكلمات التي جاءت قبلها. كذلك أيضاً فهو يكتب رمزًا، ويقوم بواجب الرياضيات، وينتج مقالات جامعية وسيناريوهات، ويجيب على أسئلة معقدة حول أي موضوع تقريبًا، بالإضافة إلى إنشاء منشورات مدونة ونسخة إعلانية. علاوةً على ذلك، بالنسبة لقادة العمل المستقبليين، يثير هذا الاختراق التكنولوجي السؤال المقلق الذي يدور في أذهان الجميع: “هل يمكن لروبوتات الدردشة الذكية القيام بعملنا؟ وبشكل أكثر تحديدًا، هل تطبيق  ChatGPT  قادر على أداء وظيفة ممارسي استشراف المستقبل؟.

طرق يمكن لـ ChatGPT أن يدعم استشراف المستقبل

  1. تطوير السيناريوهات: باستخدام الموجه الصحيح، يمكن لـ ChatGPT إنشاء سيناريوهات محتملة حول المستقبل. على سبيل المثال، حث ChatGPT على “كتابة قصة عن المستقبل حيث …” يمكن أن يولد العديد من السيناريوهات، وبعد ذلك لا بد من مراجعة هذه المخرجات من قبل خبراء بشريين، واستخدامها لمساعدة المنظمات على توقع المستقبل والاستعداد له.
  2. تحليل التأثير المتقاطع: من خلال الطلب من  ChatGPT  أن يشرح كيف يمكن أن تؤثر العوامل المختلفة على بعضها البعض، يمكن أن يولد بسرعة عددًا كبيرًا من الأفكار. بالتالي يدعم استشراف المستقبل في تقييم التأثير المحتمل لعوامل مختلفة على بعضها البعض. ومن ثم إنشاء قائمة أولية بنقاط القوة والضعف، وبالفرص والتهديدات.
  3. المخططات والجداول الزمنية: يمكن لـ ChatGPT اقتراح مخططات أو حتى جداول زمنية لتقارير ومقالات وورش عمل استشرافية، والتي يمكن أن توفر الوقت أثناء مرحلة وضع المفاهيم.
  4. العصف الذهني: يمكن لـ  ChatGPT  المساعدة على تبادل الأفكار للمشاريع الإبداعية أو استراتيجيات العمل أو حل المشكلات من خلال تقديم الاقتراحات والحلول المحتملة.
  5. التعلُّم والبحث: يمكن لقادة العمل طرح أسئلة على  ChatGPT للحصول على معلومات أو تفسيرات أو ملخصات حول مواضيع مختلفة. مما يساعد في مهام التعلم والبحث.
  6. تحليل المعلومات المالية: يمكن للمنظمات أن تطلب من ChatGPT تحليل المعلومات المالية الداخلية وتقييم الإجراءات وتقديم التوصيات وتحويل الأداء أو الإجراءات بحيث تكون المنظمة أكثر تنافسية.

قيود استخدام ChatGPT  في استشراف المستقبل

  1. الافتقار إلى الذكاء العاطفي. لا يتمتع  ChatGPT بذكاء عاطفي ولا يمكنه فهم المشاعر أو التعبير عنها. يمكن أن يكون هذا قيدًا في التطبيقات والدراسات والسيناريوهات التي تكون فيها الاستجابات العاطفية ضرورية.
  2. سياق محدود. في حين أن  ChatGPT لديه القدرة على تذكر سياق المحادثة، إلا أنه لا يزال من الممكن تقييده بالسياق المعطى له. إذا كان السياق غامضًا أو غير مكتمل، فقد تكون الاستجابات غير صحيحة أو غير ذات صلة.
  3. التحيزات والبيانات غير الدقيقة. يمكن أن يكون  ChatGPTمتحيزًا بناءً على البيانات التي يتم التدريب عليها. إذا كانت البيانات غير دقيقة ومتحيزة، فيمكن أيضًا أن يكون الناتج الناتج عنها متحيزًا. من الضروري التأكد من أن بيانات التدريب متنوعة وتمثل وجهات نظر وخلفيات مختلفة.
  4. مخروط المعقولية: إن مخروط المعقولية في السيناريوهات المولَّدَة من ChatGPT ضيق ومحدود للغاية. بالتالي قد لا يولِّد سيناريوهات محتملة بناءً على الحداثة أو الديناميكيات الجديدة التي تعيد تشكيل العالم.

نصائح مهمة لممارسي استشراف المستقبل المدعوم بالذكاء الاصطناعي التوليدي

  1. نظرًا لكون ممارسي استشراف المستقبل مهتمين بالمستقبل. يجب أن يكونوا قادرين على إدخال تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في جميع تحليلاتهم المتعلقة بالاستشراف.
  2. ممارسو استشراف المستقبل لديهم القدرات والمعرفة التي تجعلهم في الصف الأول لأولئك الذين سيواجهون ويتعاملون مع الذكاء الاصطناعي التوليدي. فمن الأفضل التأكد من أنه يخدمهم بدلاً من الإضرار بهم.
  3. إذا كان الذكاء الاصطناعي التوليدي يساعد بالفعل في تسهيل عملية التوقُّع بعدة طرق. فيجب أن يساعد أيضًا في نشر استخدام استشراف المستقبل القابل للتنفيذ على نطاق واسع.

على الرغم من أنه يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي (ChatGPT)  لدعم جوانب معينة من العمل الاستباقي والاستشرافي. إلا أن القادة والمدراء الذين يضبطون التغييرات في الوقت الفعلي على قدم وساق قد يكونون الأنسب لمساعدة المنظمات على الاستعداد لمستقبل مختلف، واتخاذ قرارات أكثر استنارة في الوقت الحاضر.

من المهم ملاحظة أن ChatGPT هو نموذج إحصائي وغير قادر على التنبؤ بالمستقبل بدقة. لذا يجب استخدام مخرجاته كنقطة انطلاق لمزيد من التحليل ولا ينبغي اعتباره تنبؤًا نهائيًا للأحداث المستقبلية.

Show More

د عاطف عوض

د عاطف عوض أستاذ جامعي تخصص إدارة موارد بشرية. خبرة أكثر من 25 سنة في مجال العمل الأكاديمي والإداري. استشاري في تطوير السياسات واستراتيجية الموارد البشرية المبتكرة. وكذلك خبرة طويلة في تطوير الممارسات المستقبلية بما في ذلك استراتيجيات التطوير الوظيفي وإدارة المواهب وبرامج التطوير واستراتيجيات الإدماج. القدرة على توجيه المشاريع المعقدة من المفهوم والأفكار إلى حالة التشغيل الكامل. مدرب دولي معتمد في مجال تطوير وتنمية الموارد البشرية والتطوير التنظيمي.
Back to top button