مهاراتنا

صفات ومهارات تحتاجها لتصبح “استشاري”

الكثير من الخريجين والمهنيين الشباب يتطلعون إلى الحصول على وظيفة في مجال الاستشارات. أحد الأسئلة الرئيسية هو: “هل يمكنك أن تصبح استشاري؟” ، “هل لديك المؤهلات لتصبح استشاري؟”.

بالنظر إلى واقع سوق العمل الحالي ومشهده الديناميكي المتغير، تستمر توقعات المنظمات والمهنيين في الازدياد فيما يتعلق بالوظائف للمستقبل. بالإضافة إلى ما يسببه الاتجاه المستمر للتحوّل الذكي والأتمتة في الإصلاح المستمر لنماذج أعمال المنظمات وتحولات الأنظمة والعمليات والشركات الكاملة لتواكب هذه المتغيرات والتحولات. تؤثر هذه التطورات أيضاً على الشركات الاستشارية، التي كثيراً ما يتم التعاقد معها لتقديم الدعم والمساندة في مبادرات التغيير المعقدة أو التحولات التي تواجهها المنظمات. والنتيجة، هي أن توقعات المتخصصين الاستشاريين والمواهب الناشئة آخذة في الازدياد في هذا المجال. مما يؤدي إلى رفع المستوى من حيث متطلبات أن تصبح استشارياً.

فيما يلي نظرة عامة على أهم الصفات والمهارات التي يجب عليك أن تمتلكها لتصبح “استشاري”:

1) مؤهل أكاديمي

تعتمد جميع الشركات الاستشارية عملياً على أن تكون لدى المرشحين للعمل كاستشاريين مؤهلات علمية جامعية كحدٍ أدنى. الدورات التدريبية وشهاداتها التي حصل عليها ليست وحدها بالضرورة العامل الأكثر أهمية لدخول هذا المجال. لذلك حتى لو لم يتخذ الشباب المسار المعتاد للتخرج في تخصص “إدارة الأعمال”، غالباً يمكنهم دخول المهنة بمؤهل علمي من تخصصات أخرى أيضاً. مثال على ذلك الرياضيات، القانون أو علم النفس أو غيرها. العامل الأساسي المطلوب توفُّره في شخصية المتقدم هو تمتعه بمستوى أكاديمي من التفكير والقدرة على الإقناع وكيف يمكن له أن يكون استشارياً جيداً.

2) العمل ضمن فريق

من الضروري أن يكون الاستشاري قادر على العمل بشكل جيد ضمن فريق. غالباً ما يتم مساعدة عملاء الشركات الاستشارية من قبل فريق من الاستشاريين في سياق متعدد التخصصات. حيت يكونون مجهزين لمواجهة التحديات التي يفرضها العميل. منذ اليوم الأول، عادةً ما يتحمل الاستشاري مستوى معين من المسؤولية داخل فريق العمل. ومع ذلك، تظل أهداف الفريق دائماً أولوية قصوى.

3) العمل تحت الضغط

غالباً ما يكون عمل الاستشاري مترافق مع ضغوط كثيرة ذات علاقة بطبيعة العملاء وأماكن تنفيذ العمل، وعليه يجب على الاستشاري أن يتمتع بمهارات عرض جيدة تحت هذه الضغوط والظروف المحيطة بمهماته الاستشارية. بعض مهام ومشاريع العملاء تكون مرتبطة بمواعيد نهائية للتنفيذ، حيث يُتوقع من الاستشاري المرونة من حيث العمل لساعات أطول عند الضرورة للالتزام بهذه المواعيد. في حالات معينة، يحتاج الاستشاري إلى اتخاذ تدابير واجراءات جذرية للعميل. على سبيل المثال، إعادة التنظيم والهيكلة الادارية للمنظمة يمكن أن تجعل الموظفين أو أصحاب المصلحة الآخرين يضعون الاستشاري تحت ضغط ذهني شديد. علاوة على ذلك، غالباً ما يشارك في مشاريع واسعة النطاق لها مصالح ضخمة ومرتبطة بأمور مالية حساسة والمخاطر فيها مرتفعة، حيث الخطأ هنا يجب أن يكون معدوماً. من المتوقع أن يكون الاستشاري قادر على التعامل مع المهمة تحت هذا الضغط العالي، خاصةً عندما يرتقي بالسُلَّم الوظيفي.

4) مهارات تحليلية

تطوُّر عمل منظمات الأعمال وازدياد تعاملها مع البيانات الضخمة والتحليلات يزيد الطلب على المهارات التحليلية والكمية من قبل الاستشاري. حيث يقوم بإجراء البحوث بانتظام باستخدام قدراته ومهاراته لجمع وتحليل البيانات وتقديم النتائج إلى العملاء. علماً أن هذه المهارة تعتبر بالغة الأهمية وضرورية للاستشاري في عصرنا الحالي.

5) التعامل مع الآخرين

يقضي الاستشاري أغلب وقته بالعمل والتواصل مع العملاء. على سبيل المثال، يقدم لعملائه المشورة بشأن مخاوف استراتيجية أو يقدم لهم الدعم لمسار التنفيذ. على وجه الخصوص على مستوى المبتدئين، يقضي الاستشاري ما بين 70٪ و 85٪ من وقته مع العملاء. تشكل العلاقة مع هؤلاء العملاء أساس كل شركة خدمات استشارية، مما يدل على أهمية الحفاظ على علاقات ممتازة مع العملاء. وبالتالي، من الأهمية بمكان أن يتمتع الاستشاري بالمهارات المناسبة للتعامل مع الآخرين. بصرف النظر عن مهارات الاتصال اللفظي، من المتوقع أيضاً أن يعمل على مهارات الاصغاء ولغة الجسد ومهارات التفاوض.

6) التفكير المنطقي والقدرة على حل المشكلات

كإستشاري، من الضروري أن تمتلك مهارات ممتازة في حل المشكلات. استناداً إلى البيانات المتاحة، وغير المكتملة في بعض الأحيان، غالباً ما يتعين عليك أن تفهم التحديات المعقدة التي يطرحها العملاء في وقتٍ قصير، وإيجاد حلول قابلة للتطبيق لتقديمها لهم. علماً أنه بسبب النقص المتوقع في البيانات لتحليلها، يحتاج الاستشاري إلى أن يكون قادر على إيجاد أو توقُّع حلول معقولة ومقبولة من العملاء بناءً على التفكير المنطقي.

7) الفضول الفكري

يجب على الاستشاري أن يمتلك مهارة الفضول الفكري وبدرجة علية من الاتقان. نظراً لأنه يعمل بشكل متكرر في مختلف القطاعات والمجالات، فمن الأهمية بمكان أن يكون الاستشاري قادر على إيجاد حلول بسيطة للمشاكل المعقدة. لهذا، فإن الفضول الفكري أو التفكير “خارج الصندوق” ضروري عند معالجة المشاكل.

8) القيادة

القيادة هي صفة أساسية أخرى يحتاج الاستشاري لامتلاكها. إلى جانب إدارة المهام والمسؤوليات الفردية، يحتاج إلى إظهار مهارة القيادة تجاه عملائه. استناداً جزئياً إلى مدخلاته وأسلوبه في التعامل مع المهام أو المشكلات التي يجب عليه ايجاد حلول لها. وأن يكون قادر على توجيههم أثناء تنفيذ مهامه الاستشارية. علاوة على ذلك، بمجرد أن يعمل الاستشاري في شركة لفترة كافية، يحتاج أيضاً إلى أن يكون قادراً على قيادة المزيد من الاستشاريين المبتدئين.  

9) الريادة والمبادرة

يحتاج الاستشاري إلى أن يكون ريادياً، وأن يُظهر ما يكفي من المبادرة. نظراً لأنه يقضي أغلب وقته في حل المشكلات التي غالباً ما تكون معقدة، فإنه يحتاج باستمرار إلى إيجاد طرق لتحسين الأمور وترجمتها إلى خطط عمل ملموسة ولديها قابلية للتنفيذ. مثال على هذا السلوك أخذ الوقت الكافي لمراجعة معرفته حول موضوع معين من أجل معالجة مشكلة بشكل أفضل، مما يؤدي إلى زيادة احترامه وتقديره لدى إدارته وعملائه.

يختار العديد من الخريجين والمهنيين الشباب الذين لديهم خلفية أكاديمية في إدارة الأعمال أو الاقتصاد بشكل متزايد وظيفة في مجال الاستشارات. سنوياً، يدخل الآلاف من المهنيين ذوي الخبرة أيضاً هذا المجال، إما عن طريق الاختيار أو عن طريق العمل في شركة كاستشاري متمرس أو استشاري مستقل.

وعليه يُتوقَّع من ممارسة وظيفة “استشاري” الكثير من الأمور ومنها “أعباء وضغط عمل عالي”، و “ساعات عمل طويلة” وربما “رحلات عمل وسفر متكرر”. علاوة على ذلك “الدخل المرتفع” و “فرص التطوير الوظيفي الملائمة” و “مستوى عال من المسؤولية”.

مهما كان الأمر، هناك أسباب كافية يمكن تصورها تجعل وظيفة “استشاري” خياراً جذاباً للخريجين والمهنيين الجدد وكذلك للمواهب ذات الخبرة.

اظهر المزيد

د عاطف عوض

د عاطف عوض أستاذ جامعي تخصص إدارة موارد بشرية. خبرة أكثر من 25 سنة في مجال العمل الأكاديمي والإداري. استشاري في تطوير السياسات واستراتيجية الموارد البشرية المبتكرة. وكذلك خبرة طويلة في تطوير الممارسات المستقبلية بما في ذلك استراتيجيات التطوير الوظيفي وإدارة المواهب وبرامج التطوير واستراتيجيات الإدماج. القدرة على توجيه المشاريع المعقدة من المفهوم والأفكار إلى حالة التشغيل الكامل. مدرب دولي معتمد في مجال تطوير وتنمية الموارد البشرية والتطوير التنظيمي.
زر الذهاب إلى الأعلى