القيادة والإستراتيجيةمهارات القيادةمهاراتنا

سمات شخصية رئيسية يمكن تطويرها لتصبح مهارات قيادية أساسية

توصلتَ إلى قرار وأنت متأكد من أنك اتخذت القرار الصحيح واخترت أحد موظفيك “قائد المستقبل”.

قائد المستقبل هو ذلك الموظف الذي يقدم نتائجه دائماً في الوقت المحدد أعلى من التوقعات. بمنظور جديد، ستعمل على جعله مدير مستقبلي لفريقه لأنك تعلم أنه سيكون “قائد المستقبل“. للأسف، مرَّت فترة زمنية وهذا الموظف يجتهد ويعمل، لكن المشاريع في حالة ركود، وهناك ارتباك في تقاريره المباشرة ويحوِّل موقفَه المتفائل عادةً إلى حالة من الإحباط المستمر. ماذا حدث؟ بدا مثاليِّ للوظيفة، طَموح، يهتم بالتفاصيل، لديه ذهن وتفكير منفتح، أين أخطأت بقرارك؟ كنتَ متأكداً من أنه أظهر إمكانات قيادية واضحة.

التنفيذ الناجح ليس كل شيء

تعتبر ترقية الموظفين مرحلة انتقالية لهم من موظفين يساهمون بشكل فردي في إنجاز الأعمال إلى مستوى إشرافي أعلى، أي إلى إدارة فريق. في حين تتم ترقيتهم يعني ذلك أنهم من الموظفين الأفضل أداءً وإنجازاً لمهامهم المكلفون بها. صحيحٌ أن إنجاز المهمات وتنفيذها بنجاح شيء مهمٌ وايجابيّ، ويشير إلى قدرات الموظفين. لكن القادة الحقيقيون لا يُقاسون أبداً بما يمكنهم إنتاجَه بأنفسهِم. بينما يتم تقييم القادة بناءً على قدرتهم على توجيه وقيادة مرؤوسيهم وجعلهم يحققون نجاح أكبر كفريق واحد.

كيف تكتشف إمكانات القيادة

ليس كل من يمتلك مجموعة كبيرة من المهارات هو قائد موهوب. لو كان الأمر بهذا الشكل، يمكننا بسهولة اكتشافهم من دون عناء. لذا يجب تعلُّم مهارات القيادة الحقيقية وممارستها. بشكلٍ عام، لن تجدَ قادةً ذوي خبرة يختبئون بين الأفراد العاملين العاديين. ما تحتاج إلى تعلُّمه هو كيفية اكتشاف سمات الشخصية الخام التي يمكن تطويرها بمهنية وحرفية عالية لتصبح من المهارات الأساسية للقادة الحقيقيين.

السمات الخام لقادة المستقبل

إن اختيار قادة المستقبل أعمق من مجرد تحديد أفضل الموظفين أداءً لدينا. عندما نبحث عنهم يجب أن نتأكد أننا نبحث عن السمات الرئيسية التالية:

  • التعاطف
  • الإتزان
  • الطبيعة المنفتحة
  • الاهتمام بالتفاصيل
  • الطموح
  • التفاؤل

يمكن أن تكون هذه السمات الشخصية مؤشرات جيدة لنجاح موظفيك في الأدوار القيادية في المستقبل. ولكن يجب أن نلاحظ أن هذه ليست سوى السمات الأولية الفطرية التي يمتلكها القادة المحتملون، وليست تلك التي أظهرها القادة الذين نجحوا بالفعل في مهنتهم. علماً أن هذه السمات، بالإضافة إلى الرغبة في التعلُّم والنمو، ترسم الأساس للمهارات التي يجب على جميع القادة الحقيقيين ممارستها.

بمرور الوقت ومع الإرشاد والخبرة المناسبين، كيف يمكن لهذه السمات أن تتطور إلى مهارات قيادية أساسية:

1. من التعاطف إلى الذكاء العاطفي

الذكاء العاطفي هو “مهارة إدراك وفهم وإدارة العواطف والمشاعر” ، إنها سمة مهمة للغاية لقائد المستقبل الناجح لأن القيادة تدور حول النسبية والتواصل. من خلال فهم كيف يتم تحفيز الآخرين، يمكن للقادة تعديل أساليب الاتصال لإدارة فرقهم بشكل أفضل. يظهر الذكاء العاطفي في شكله الخام كنوع من التعاطف. فإذا كان مديرك المستقبلي يظهر اهتماماً بزملائه في العمل، عندها اجعل هذا الاهتمام مؤشر لمشاهدة قدرته على التقاط الإشارات اللفظية وغير اللفظية وتعديل أسلوبه وفقاً لذلك. حيث ستشير درجة صدقه في ردوده إلى المستوى الفطري له من التعاطف.

2. من الاتزان إلى الثقة

لا يمكن لقائد المستقبل إنشاء أتباع إذا لم يثقوا في أنفسهم ومُثُلهم العليا. لذلك من المستحيل إقناع الموظفين بأن أي مبادرة جديدة ستكون مفيدة وممتعة ومربحة عند وجود شكوك أساسية. فضلاً عن ذلك، ابحث عن الاتزان الآن عند اختيار قائد المستقبل، لأن مع تكيُّفه مع التغيير واستخدام مهاراته الحالية في اتخاذ القرارات والتعلُّم منها ستظهر ثقته المطوَّرة حديثاً.

3. من الإنفتاح إلى الشجاعة

القادة لا يمكن اعتبارهم “قادة” إذا قبلوا المعايير الحالية على أنها عادية ومناسبة وكفى، لأن القادة الحقيقيون يأخذون المخاطرة ويتقدَّمون. لذلك عليك طرح التساؤلات حول مديرك المحتمل، على سبيل المثال، هل يتحدث في الاجتماعات عندما يكون لديه أفكار جديدة أو وجهات نظر جديدة، وكذلك هل يجرب طرقاً جديدة للنجاح وإذا فشل، هل يحاول مرة أخرى؟. لأن استجماع الطاقة والقدرة للتحدث عما هو أفضل للمؤسسة، على الرغم من الخوف من الفشل، هو المكان الذي يمكن للقادة الحقيقيين أن يُحدِثوا فيه كل الفرق في أدوارهم.

4. من الاهتمام بالتفاصيل إلى التركيز

يجب أن يكون هناك قدر كبير من التركيز الدائم على أهداف وغايات العمل. من خلال المشاريع على مستوى المؤسسة إلى واجبات الموظفين اليومية، حيث يجب أن تكون هذه الأهداف دائماً في قمة اهتمامات القادة. لذلك عليك أن تدوِّن كيف يتعامل موظف معين تفكر فيه مع دور إداري مع مهمة جديدة وركِّز على بعض الجوانب المهمة. على سبيل المثال هل يأخذ الوقت الكافي للبحث وطرح الأسئلة والإشارة إلى الأشياء التي قد يغفلها الآخرون، حيث سيكون اهتمامه بالتفاصيل واضحاً عند اكتمال المشروع مع عدم ترك أي مخاوف لم تتم معالجتها. ومع المزيد من الوقت والخبرة، سيعرف كيفية تطبيق هذه المهارة على العمل ككل. هذا عندما يطوِّر التركيز.

5. من الطموح إلى الرؤية

يخطط القادة دائماً للمستقبل ولديهم رؤية وخريطة طريق وخطة للمكان الذي يحتاج العمل إليه. بينما لدى المديرين العاديين لن يكون هناك مكان لقيادة الفريق. لذلك فإن هذا القائد المستقبلي الذي تفكر فيه، هل يأخذ المهام بمجرد وصولها وإنهائها من الوضع الراهن؟ أم يمسك بهم ويحولهم إلى شيء أفضل مما كان متوقعاً؟. وكذلك هل يفعل ما يُطلب منه ولا شيء أكثر من ذلك؟ أم أنه يبحث دائماً عن فرص جديدة لتنمية أعماله، أو تجربة نهج جديد، أو بدء مشروع جديد؟. لأن الموظفون الذين يعبِّرون بانتظام عن طموحهم لتجاوز ما هو مطلوب منهم والذين يُظهرون اهتماماً حقيقياً بمستقبل المؤسسة هم الأكثر احتمالاً لعرض رؤية المؤسسة كقادة. وتذكَّر دائماً أن الطموح إلى النجاح، وبالتالي تحقيق الرؤية، يجب أن يكون له جوهر وأساس، لأن الأبحاث والمخططات ذات المصداقية هي التي تولِّد قبول الموظفين لها، وليس المقترحات العظيمة المليئة بالأفكار التي لا أساس لها.

6. من التفاؤل إلى التعبير

في النهاية لن يكون تكتيك الرؤية أو التحفيز فعالاً إذا لم يتم توصيله بالشكل المناسب. لذا فإن النظرة المتفائلة تغذِّي نغمة مُعدِية تحفِّز  وتُلهمُ الآخرين. في حين يطوِّر القادة المهرة نهجاً لفظياً استراتيجياً لتمثيل جميع المواقف ولديهم القدرة على توصيل رؤية وأهداف المؤسسة بطريقة جذابة وواثقة. على سبيل المثال، إذا كان أحد القادة يقدم خطته لإخراج المؤسسة من الركود المالي للموظفين، فعليه إدارة نبرة صوته بعناية. كذلك فهو بحاجة إلى تجنب التعمُّق في الطبيعة الجادة للموضوع، مع رفع الروح المعنوية أيضاً بالأمل في مستقبل واعد.

عندما يكون لدى القادة المتميِّزون ما يقولونه ويتواصلون بفعّالية، يستمع الموظفون اليهم، ويأخذون كلمات قادتهم والطريقة التي يقولون بها في القلب. علماً أن القادة المهرة يدركون هذا الأمر ويحرصون على ضمان توافق أصواتهم مع الطريقة التي يريدون تلقِّي رسائلهم بها.

في النهاية، ربما كنت محقاً في اكتشاف إمكانات القيادة لدى  المدير المستقبلي المحتمل الذي لم ينجح بعد. لكن خذ خطوة للوراء وانظر إلى الصورة الكاملة. ربما يحتاج فقط إلى مزيد من التوجيه منك أو بعض الوقت للتعرف على شخصيات موظفيه المباشرين. تأكد من أنك قد أخذت سماته الأولية في الاعتبار الجاد ومنحه الأدوات التي يحتاجها للتعلُّم والنمو.

اظهر المزيد

د عاطف عوض

د عاطف عوض أستاذ جامعي تخصص إدارة موارد بشرية. خبرة أكثر من 25 سنة في مجال العمل الأكاديمي والإداري. استشاري في تطوير السياسات واستراتيجية الموارد البشرية المبتكرة. وكذلك خبرة طويلة في تطوير الممارسات المستقبلية بما في ذلك استراتيجيات التطوير الوظيفي وإدارة المواهب وبرامج التطوير واستراتيجيات الإدماج. القدرة على توجيه المشاريع المعقدة من المفهوم والأفكار إلى حالة التشغيل الكامل. مدرب دولي معتمد في مجال تطوير وتنمية الموارد البشرية والتطوير التنظيمي.
زر الذهاب إلى الأعلى