مهارات التعامل مع الآخرينمهارات التفاوض وحل النزاعمهاراتنا

إرشادات عملية تساعد في تحويل الصراع إلى فرصة للابتكار والحل الإبداعي للمشكلات

في نهاية كل يوم عمل أراجع جميع الأحداث التي واجهتني. ويتبادر إلى ذهني العديد من المواقف التي حصلت معي خلال اليوم لأجد أحياناً أنني في حيرة من أمري حول بعض القرارات أو ردات الفعل التي أخذتها تجاه بعض المواقف، فأتوقف عندها للحظة وأطرح على نفسي بعض الأسئلة…هل القرار الذي أخذته كان صحيحاً؟ هل اختلاف وجهات النظر يستدعي وجود الصراع بين أصحاب الآراء المختلفة؟

تحويل مسار الصراع

أحياناً نطلق أحكاماً مسبقة دون أن نعطي أنفسنا فرصة للتفكير فيما وراء بعض الصراعات ودون أن نلتمس الأعذار للآخرين والتفكير بهم وبالظروف التي استدعت تصرفهم بشكل معين. فالأصل أن اختلاف الآراء لا يفسد للوّد قضية. لكن في الواقع ما يحدث هو عكس ذلك فليس الجميع يتقبل الاختلاف في الرأي خصوصاً إن كان هناك رئيس ومرؤوس. فلماذا لا نبدأ بالتفكير في تحويل مسار الصراعات التي تواجهنا أحياناً بطرق حضارية تضمن لنا احترامنا لذاتنا وللآخرين.

داخل الظروف التنظيمية، تنشأ صراعات بين الموظفين والإدارات والمنظمات نفسها. وهذا يؤدي إلى مناخ سلبي داخل المنظمة. ويمكن أن تنشأ الصراعات بسبب الترابط بين المهام، والصفات الفردية، ونقص الموارد، وقضايا  الرواتب، وما إلى ذلك. يوجد نوعان من الصراعات وهما صراعات بنَّاءة وصراعات مدمِّرة. إن نتائج هذين النوعين من الصراعات مختلفة اختلافاً كبيراً. في حين يؤدي الصراع البنَّاء إلى نتيجة إيجابية تنطوي في معظمها على حل الصراعات، غير أن الصراعات المدمِّرة تنتهي عادة بنتائج سلبية.

إدارة الصراع

عندما تنشأ الصراعات، فهذا لا يعني أنها مسألة طبيعية وعدم حلها أو توجيهها لا يؤثر على مكانتك واحترامك كقائد أعمال. بل أن موقفك اللامبالي وترك الأمور على حالها لن يعزز  الحل الإبداعي للمشكلات. كما أن سماحك للجدل بأن يصبح عاطفياً للغاية يمكن أن يسبب ضرراً دائماً للعلاقات، ويقلل من الإنتاجية ويضعف تماسك فرق العمل. إذن، كيف يمكنك دعم النقاش الودي بين المديرين والموظفين دون أن يتصاعد ويتفاقم؟. ما هي بعض النصائح التي يجب مراعاتها عند الانخراط في هذه الأنواع من المحادثات؟. كيف يمكنك التأكد من أن الصراع بنَّاء ومنتج؟

فيما يلي بعض الإرشادات العملية التي يمكن أن تساعدك على تحويل مسار الصراع إلى فرصة للابتكار وحل المشكلات بشكل إبداعي:

1. غيِّرْ طريقة تفكيرك

من أفضل الطرق لاستخدام الصراع بشكل بنَّاء هو تغيير طريقة تفكيرك فيه. لا تأخذ الأمر على محمل شخصي. بدلاً من اعتبار الشخص الذي تختلف معه على أنه خصم، فكِّر فيه على أنه شخص لديه فكرة مختلفة أو نهج جديد للمشكلة المطروحة. بدلاً من ذلك، ركِّز على المشكلة وكيف يمكنك الوصول إلى حل يناسب الجميع. بقدر الإمكان، ابحث عن مجالات الاتفاق والبناء عليها.

2. انتبه لكلمة “لكن”

عندما ينشأ تعارض، من المهم مراقبة لغتك لتجنب الإفراط في السلبية أو التحريض. وبشكل خاص انتبه لاستخدامك لكلمة “لكن“. إذا قلت، ” أوافق، ولكن …” كل ما يسمعه الشخص الآخر هو، ” ولكن إليك سبب كونك مخطئاً “. اجعل المحادثة إيجابية بالحديث عن المخاطر والفرص. اعثر على طريقة لتُكمِل بصدق فكرة الشخص الآخر. أظهر احترامك من خلال طرح أسئلة للتعمق أكثر في ما يفكر فيه الشخص الآخر. بعد ذلك، أعطِ وجهة نظره بعض التفكير بشكل فعلي. خلاف ذلك، إنه مجرد كلام والذي غالباً ما يكون غير صادق. سيساعدك هذا على بناء توافق في الآراء أو تحسين أفكارك أو إيجاد حل إبداعي لم يفكر فيه أي منكما من قبل. بغض النظر، أنت تشجِّع الجميع على أن يكونوا أكثر انفتاحاً على وجهات النظر البديلة (بما فيهم أنت)، وأنت تتجه نحو تحقيق نتيجة إيجابية معاً.

3. اعتمد على المعلومات

واحدة من أفضل الطرق لضبط المشاعر هي الاعتماد على المعلومات عند مناقشة موضوع الصراع. من خلال الاعتماد على المعلومات الكمية، مقابل المعلومات النوعية، فإنك تساعد في ضمان حل المشكلة الصحيحة للأسباب الصحيحة، بدلاً من الاستجابة لمشاعر الحدس. عندما تخرج المشاعر من المعادلة، فإن ذلك يساعد الجميع على رؤية الموقف بشكل أكثر وضوحاً ووضع المشكلة المطروحة على أنها مجرد عمل. لكن هذا لا يعني أنك يجب أن تكون بارداً أو بعيداً عند التعامل مع المشكلات الصعبة. مهما كان الموضوع أظهرْ التعاطف واحرصْ على التواصل باحترام ومهنية.

4. مارسْ وعززْ الوعي الذاتي

بشكل عام، عندما نتعارض مع شخص ما في العمل، فذلك لأننا نقاوم شيئاً ما. هذا ينطبق على الجميع من المديرين التنفيذيين إلى موظفي الخطوط الأمامية. إذا وجدت نفسك أو غيرك تتجنب وتقاوم التغيير، فمن الممارسات الجيدة أن تتوقف وتكتشف ما وراء مقاومتك، وتشجع الآخرين على فعل الشيء نفسه. إذا تمكنت من تحديد أساس معارضتك وإيصالها، فيمكنك البدء والتقدم لإيجاد حل يلبي احتياجات العمل.

5. تجنبْ التعميمات

الطريق إلى الصراع البنَّاء ممهد بلغة مفصَّلة ومحدَّدة. تجنبْ التعميمات إذا كنت تريد إيجاد أرضية مشتركة وتقليل ردود الفعل العاطفية لما تقوله. لا أحد يحب العبارات الشاملة التي تصفهم أو تضع افتراضات خاطئة حول أفكارهم.

6. اسعَ إلى التفاهم وليس الاتفاق النهائي

في كثير من الأحيان، يتجنب الناس الصراع في العمل لأنهم يفكرون في الأمور المطلقة. ومع ذلك، عندما ينشأ الصراع يجب أن يكون فهم وجهات النظر الأخرى هو الأولوية بدلاً من إيجاد حل نهائي. بعد كل شيء، قد لا يكون الإجماع بنسبة 100 % ممكناً أو حتى مرغوباً فيه لأن الصراع البنَّاء يمكن أن يؤدي إلى حلول جديدة ومبتكرة لمشاكل العمل. لا يعد الاتفاق على عدم الموافقة أمراً سيئاً دائماً، طالما يمكنك الوصول إلى حل وسط يكون في مصلحة المنظمة.

بدلاً من التركيز على حل نهائي، اتخذ قراراً يوازن بين احتياجات معظم الإدارات أو الموظفين. قم بالتركيز لتحقيق الإنتاجية والكفاءة المثلى بالنظر إلى الحقائق التي يمكنك الاتفاق عليها جميعاً. يتيح ذلك للجميع الشعور بالاحترام والاستماع، ويساعد على تجنب الاستياء الذي يأكل الطاقة الإيجابية ويعيق العمل الجماعي.

وأخيراً أدعو الجميع إلى البدء بأنفسهم ومساعدة الآخرين ليدركوا أنه بإمكانهم تغيير مواقفهم لتصبح أكثر إيجابية وتحمل في مضمونها الخير للجميع.

Show More

د عاطف عوض

د عاطف عوض أستاذ جامعي تخصص إدارة موارد بشرية. خبرة أكثر من 25 سنة في مجال العمل الأكاديمي والإداري. استشاري في تطوير السياسات واستراتيجية الموارد البشرية المبتكرة. وكذلك خبرة طويلة في تطوير الممارسات المستقبلية بما في ذلك استراتيجيات التطوير الوظيفي وإدارة المواهب وبرامج التطوير واستراتيجيات الإدماج. القدرة على توجيه المشاريع المعقدة من المفهوم والأفكار إلى حالة التشغيل الكامل. مدرب دولي معتمد في مجال تطوير وتنمية الموارد البشرية والتطوير التنظيمي.
Back to top button