الإبداع والتغييرمهارات القيادة

القدرة الاستيعابية للمعرفة تعزِّز الأفكار الابتكارية في المنظمة

أحد المفاهيم المثيرة للاهتمام هو ” القدرة الاستيعابية ” و ” القدرة التطويرية”.  حيث تشير القدرة الاستيعابية إلى القدرة على تحديد وتقييم واستيعاب المعرفة الخارجية التي يحتمل أن تكون مربحة ومفيدة للمنظمة. أما القدرة التطويرية تشير إلى القدرة على تطوير واستغلال المعرفة. علماً أن كلاهما مهم للمنظمة ويجب تطويرهما. إن القدرة على السماح باستغلال المعرفة الجديدة في “عقل” المنظمة، وليس رفضها، هو مفتاح القدرة على إنشاء وابتكار مفاهيم جديدة. يجب على المنظمات إيجاد طرق أفضل لإتاحة المسارات المناسبة لاستيعاب المعرفة والرؤى والروابط المحتملة جيداً. حيث تقوم المنظمات عادةً بتصميم خطوط الابتكار لتصبح أضيق وأضيق لأنهم يريدون رفض الأفكار التي لا تتناسب مع معاييرهم بسرعة.

علاوةً على ذلك، القدرة الاستيعابية لها دوراً مهماً في الابتكار، حيث يعتمد الابتكار على إدراك الأفكار والابتكارات الخارجية المعروفة في السوق. كذلك أيضاً من خلال جمع واستكشاف واستغلال المعرفة الجديدة، نقوم بتعزيز ومضاعفة قيمتها من فكرة واحدة إلى إمكانية ابتكارات متعدِّدة. علماً أن استيعاب المعرفة يغذِّي أفكار الابتكار لدينا. كما يمكن أن يؤدي وجود إطار عمل منظَّم إلى تحويل الأفكار أو الملاحظات العشوائية بشكل كبير إلى مفاهيم قيِّمة تعزِّز إمكاناتنا الابتكارية.

تبنِّي وتكييف المعرفة الجديدة

تجمع كل منظمة معرفتها بطرق مختلفة، حيث لكل منها خصائص وأنظمة وطرق فريدة للقيام بذلك. غالباً ما يكون العثور على المعرفة عشوائياً. وفي كثير من الحالات، تكون المعرفة التي نبحث عنها موجودة بالفعل في المنظمة. في بعض الأحيان، يرسلنا الخروج من المنظمة إلى مسار يقودنا إلى العودة إلى داخل المنظمة. وعندما يحدث هذا، غالباً ما نشعر بالحيرة ونتساءل عن سبب عدم وجود نظام للتوثيق والتسجيل في المنظمة.

القدرة الاستيعابية تسمح للمعرفة بالتدفُّق في اتجاهات مختلفة وعكسية. وبناءً على ذلك، تجمع القدرة الابتكارية للمنظمات بين مجموعتين عريضتين من القدرات: قدرتها الاستيعابية والتطويرية. ويجمع الإطار المفاهيمي والتحليلي كليهما القدرة الاستيعابية للمنظمات للوصول إلى المعرفة الخارجية وترسيخها والعمل على انتشارها من خلال نشرها وتوزيعها. وكذلك أيضاً القدرة التطويرية للمنظمات لخلق وتطوير واستغلال هذه المعرفة. مع العلم أنه تقليدياً من المفترض أن معظم المعارف اللازمة للابتكار سيتم العثور عليها داخل المنظمة. بينما تؤكد وجهة نظر أكثر حداثة على أهمية تسخير المعرفة الخارجية لتحسين قدرة المنظمة على الابتكار.

الابتكار بالتبنِّي

إن الابتكار من خلال التبنِّي هو قناة مهمة للابتكار. حيث أن المعرفة الخارجية التي تتدفق إلى المنظمة يمكن أن تُترجم إلى واحد أو أكثر من المخرجات التالية:

  1. خلق ابتكار جديد
  2. خلق معرفة جديدة
  3. قيمة اقتصادية واجتماعية جديدة

وبالتالي، يمكن أن تكون القيمة الجديدة نتيجة مباشرة أو غير مباشرة. حيث تأتي عملية الابتكار من خلال تبني المعرفة الخارجية. من هنا يتبين أن القدرة الاستيعابية تشكِّل تحديات كبيرة للمنظمة، حيث تحدِّد كيفية التعامل بفعَّالية استيعابها للمعرفة قدرتها على الابتكار وجاذبيتها لبيئة التعلُّم. وعليه فإن القدرة الاستيعابية وقدرة المنظمة على التعرُّف على قيمة المعلومات الخارجية الجديدة، واستيعابها، وتطبيقها على أهداف تجارية أمر بالغ الأهمية لقدراتها الابتكارية.

العلاقة بين المعرفة والتعلُّم

تكمن قيمة القدرة الاستيعابية في أنه عندما يكون لدى المنظمات بعض المعرفة المسبقة، والتي عادةً ما يتم تحفيزها خارجياً، فإنها تكون أكثر تقبُّلاً لإضافة مفاهيم وأفكار جديدة. في حين أن المنظمات التي تشجِّع وترسِّخ مبدأ التعلُّم فهي منظمة مُدرِكة ومتعلِّمة. وهذا يشير إلى أنهم يبحثون بقوة عن أفكار جديدة، لأن التعلُّم الراسخ بالفعل يجهِّزهم لاستيعاب المعرفة الجديدة أو ربط الأفكار بسرعة. وهذه المنظمات تعتبر أفضل من غيرها من خلال الاعتراف بالأفكار الجديدة التي قد تؤدي إلى الابتكار التحويلي، علماً أن هذا يشجعهم على تطوير فهمهم للتواصل والتكامل والتجريب مع هذه المعرفة الجديدة.

علاوةً على ذلك، تزداد قدرة المنظمة على استخلاص التعلُّم واكتساب معرفة جديدة، كلما زادت قدرة القيادة على إنشاء ممارسات وقواعد مبتكرة من خلال زيادة الإمكانات والقدرات. لذلك، من خلال وجود نظام قوي لإدارة الأفكار، فإن قيادة المنظمات تطوِّر نقاط التفاهم المشتركة هذه التي تشكل جزءاً من روتينها وممارستها للمساهمة في تطوير ابتكاراتها والقدرات لنشاط الابتكار في المستقبل. إضافةً لذلك إن اكتساب المعرفة المستمرَّة يشجع التعلُّم المستمر. كذلك أيضاً له ردود فعل إيجابية لأنه يبني الطاقات والقدرات لنشاط الابتكار في المستقبل.  

السماح للمعرفة داخل المنظمة بالتدفق بشكل أكثر انفتاحاً

نحن بحاجة إلى إيقاف “الغمامات المعرفية” ، وهي الأمور التي يمكننا غالباً الوقوع في الفخ من خلال الاعتقاد بأننا “نعلم“، في حين أننا في الواقع لسنا كذلك. لذلك من خلال الانفتاح نضيف رؤى ومعرفة إضافية. كذلك يجب علينا بنفس القدر تجنُّب خنق المفاهيم أو المعارف المختلفة. وأيضاً يجب أن نمنح الرؤية الكاملة والتعبير، وهذا يشجِّع على خلق بيئة ايجابية أكثر انفتاحاً للعمل على تلك المفاهيم، وعليه يجب أن ندفع لاستكشاف المعرفة.

إن ممارسة ابتكار مفتوح أكثر شمولية أمراً ذا قيمة عالية للتقدُّم إلى ما هو أبعد من الأساليب المتزايدة الحالية. لذا نحن بحاجة إلى تجنب “الغمامات المعرفية” لتشجيع تدفُّق المعرفة. كذلك أيضاً من الأفضل تبنِّي الابتكار المفتوح داخلياً وخارجياً لهذه المعرفة المكتسبة حديثاً للتدفق والاستيعاب. بعد ذلك، يمكننا ترجمة هذه المعرفة بشكل أفضل إلى تطبيق جديد أو قيمة مضافة. علماً أن هناك العديد من العوائق المهمة في السعي إلى الابتكار المفتوح اليوم والتي تحتاج إلى حل، ولكن مشاركة المعرفة بحرِّية في كثير من الأحيان تكسر الحواجز وتبني الهوية الابتكارية للمنظمة.

من خلال تطبيق نظام القدرة الاستيعابية، يمكن توليد التدفقات اللازمة للحفاظ على تحفيز بحثنا عن أفكار جديدة، ودفع ابتكاراتنا إلى الأمام، والسماح للآخرين بالاستفادة من هذه المعرفة والبناء عليها بشكل أكبر.

اظهر المزيد

د عاطف عوض

د عاطف عوض أستاذ جامعي تخصص إدارة موارد بشرية. خبرة أكثر من 25 سنة في مجال العمل الأكاديمي والإداري. استشاري في تطوير السياسات واستراتيجية الموارد البشرية المبتكرة. وكذلك خبرة طويلة في تطوير الممارسات المستقبلية بما في ذلك استراتيجيات التطوير الوظيفي وإدارة المواهب وبرامج التطوير واستراتيجيات الإدماج. القدرة على توجيه المشاريع المعقدة من المفهوم والأفكار إلى حالة التشغيل الكامل. مدرب دولي معتمد في مجال تطوير وتنمية الموارد البشرية والتطوير التنظيمي.
زر الذهاب إلى الأعلى