أسرار الحفاظ على وظائفنا في عصر الذكاء الاصطناعي في المستقبل
يشعر الكثير من الناس اليوم بالتوتر بشأن ما يعنيه الذكاء الاصطناعي لتوظيفهم في المستقبل، لا سيما أولئك الذين عاشوا لسنوات عديدة وهم يؤدون نفس المهام القديمة في العمل. بالنسبة للكثير من الأشخاص فإن الذكاء الاصطناعي في العمل هو شيء يثير الحماس والفضول في العمل. علماً أن هؤلاء الأشخاص هم الذين يمكنهم تبنِّي طبيعة الحياة التي لا يمكن التنبؤ بها وبالتالي إدراك الحاجة المستمرة إلى المرونة في الفكر والعمل، فضلاً عن الرغبة في تعلم أشياء جديدة كالمهارات والكفاءات والمعرفة في مجالات جديدة. هذا الأمر صحيح إذا كنت قادراً على التفكير في ما يجري من حولك وتحليله لأنه سيساعدك على اكتشاف الفرص الممكنة للاستفادة من مواهبك وتحديد المهارات والمعرفة الجديدة المطلوبة.
تميُّز البشر عن الآلات
وفقاً لأحدث الأبحاث والدراسات العالمية من المتوقع أن يزداد هذا الطلب على المرونة والقدرة على التكيُّف مع نمو أتمتة القوى العاملة. يحتاج الأشخاص إلى تطوير مجموعات من مهارات معينة لا يمكن أن يؤدِّيها الذكاء الاصطناعي بشكلٍ جيد، على الأقل مع التكنولوجيا الحالية.
تشمل هذه المهارات الإبداع والذكاء الاجتماعي والعاطفي والاستشعار والتفكير الحسابي. من المفترض أن تساعد هذه المهارات في بناء فهم للقدرات البشرية التي لا يمكن تكرارها بسهولة بواسطة الآلات حتى الآن.
حتى إذا طوَّر الذكاء الاصطناعي هذه القدرات، يجب أن يظل البشر قادرين على تمييز أنفسهم عن الآلات من خلال القدرة على تعديل تطبيق هذه المهارات والمعرفة الجديدة مع المهارات الشخصية الضرورية لتحقيق نجاح وظيفي حقيقي. يؤدي هذا إلى السؤال التالي: “ما المسؤوليات والواجبات والأنشطة التي يمكن أتمتتها لجعل الأمور تسير بسلاسة أكبر؟“.
الذكاء الاصطناعي يطوِّر القدرات والمواهب
حيث من المتوقع أن يساعد البشر في المستقبل وليس استبدالهم. سيطوِّر الناس قدراتهم ومواهبهم أكثر بكثير من خلال تطبيق هذه المهارات على التقنيات والتطورات الجديدة. قد يقودنا هذا إلى اقتصاد رقمي حيث يبتكر الناس الأشياء بدلاً من إنتاجها لأن الذكاء الاصطناعي يمكنه إنشاء نماذج متعددة في دقائق معدودة. التفكير الحسابي هو بالتأكيد مهارة لا يمتلكها كثير من الناس حالياً لأنهم لا يحتاجون إليها لأداء وظائفهم. قد تكون هذه مشكلة عندما يبدأ الذكاء الاصطناعي في التقدم و “يتنافس” مع البشر على الوظائف.
يمكن أتمتة الواجبات والمسؤوليات والأنشطة، لكن هذا يعتمد على الصناعة التي تعمل فيها. على سبيل المثال، يمكن استبدال السائقين بالسيارات ذاتية القيادة، التي أصبحت أكثر شيوعاً، ولكن من غير المرجح أن يحل محل المدرسين. ذلك لأن التدريس يتطلب الإبداع ومهارات الذكاء الاجتماعي والعاطفي التي لا تستطيع الآلات أدائها بعد.
تعايش الذكاء الاصطناعي مع مستقبل البشر
مستقبل البشرية سيظل دائماً بشرياً. لذا يجب أن يكون السؤال: “كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتعايش مع مستقبل الإنسان؟” وليس، “كيف سيتفاعل الناس مع الذكاء الاصطناعي في المستقبل؟“. وعليه “كيف يمكننا دمج القدرات المميزة لأنظمة الذكاء الاصطناعي والناس لاكتشاف “تخصص” بشري جديد؟“.
الإجابة على هذه الأسئلة متعددة الأوجه:
1) تبنِّي الحوسبة
يجب أن يتبنَّى البشر الحوسبة كجزء من مستقبلهم بينما يكافحون للحفاظ على ما يجعلهم فريدين ومختلفين، مثل الإبداع والذكاء الاجتماعي. علاوة على ذلك، يحتاج البشر إلى إدراك كيف يمكنهم استخدام مهاراتهم الفريدة لتحسين أنظمة الذكاء الاصطناعي بدلاً من الشعور بالتهديد منها.
2) الذكاء الاصطناعي عامل تمكين وتحفيز
لأنه يمكن أن يكون هو اللغة التي تربط الأشخاص الذين يواجهون صعوبات في فهم بعضهم البعض لمساعدتهم على التعاون بشكل أفضل. يعتمد نجاح الأشخاص الذين يعملون مع الذكاء الاصطناعي على مدى فهمهم لمبادئ العمل الخاصة بهذه التكنولوجيا.
3) التركيز على الإبداع
تعد معرفة تأثير الذكاء الاصطناعي على المجتمع واستراتيجية الأعمال والصناعات والسياسات العامة أمراً ضرورياً. في العصر الجديد، علينا أن نركِّز على الإبداع وأن نكون أفضل من الآلات. يجب أن ننظر في الحلول التي تسمح للبشر والآلات أن يكمل كلٌّ منهما الآخر، مما يزيد من إمكانات كليهما.
حتى الآن لا تستطيع الآلات فعلاً استنساخ الخيال. إن الارتقاء بالبشر إلى مهام ذات قيمة أعلى يفيد المنظمات والتقدُّم والتطوير الوظيفي لأي فرد. يمكن للآلات أن تساعد الموظفين البشريين على القيام بعمل أكثر جدوى وأكثر إبداعاً. وهذا هو السبب في أن الأبحاث والدراسات تشير إلى أن إنتاجية الكثير من دول العالم سترتفع بنسبة لا تقل عن 40٪ بحلول عام 2035.
4) ترسيخ الشراكات المثمرة بين البشر والآلات
سيكون فهم الاختلافات بين الآلات والبشر من أكثر المهارات أهمية في المستقبل. على سبيل المثال، سنحتاج إلى تحديد أجزاء المؤسسة التي يجب إدارتها بواسطة الآلات وأي أجزاء يجب أن يديرها البشر.
مع أخذ ذلك في الاعتبار، دعونا نلقي نظرة على ما يمكن للآلات أن تفعله حالياً بشكل أفضل من البشر. في الوقت الحالي، تتفوق الآلات في المراقبة المستمرة. حيث سيكون لديها معدل خطأ أقل من البشر في المهام المتكررة وجمع المعلومات وتحليلها بشكل أكثر اتساقاً. علماً أن هذا يطوِّر قاعدة معرفية واسعة يمكن الوصول إليها بسهولة.
على سبيل المثال، يمكننا تحقيق ذلك من خلال بعض المهارات التالية:
- حل المشكلات الإبداعي: يمكن للبشر استخدام ذكائهم العاطفي للتفاعل مع الآلة باستخدام اللغة الطبيعية وجعل الآلة تفهمها. هذا من شأنه أن يساعد في حل المشكلات حيث سيكون للآلة فهم أعمق لمخاوف الإنسان.
- الذكاء العاطفي: مع احتضان البشر للحوسبة، يجب عليهم معرفة المزيد عن الذكاء الاصطناعي وكيف يعمل مع الآلات بشكل أكثر فعالية. الأمر أشبه ببناء رابطة بينك وبين سيارتك، فإذا لم تستطع فهم كيفية عمل السيارة، فمن الصعب أن تصبح صديقاً لها.
- التفكير الحسابي: يمكن للذكاء الاصطناعي فهم العواطف البشرية والسياق لأنه يفهم معالجة اللغة الطبيعية والقدرات الحسابية. على الصعيد البشري، من شأن فهم مبادئ التصميم التي تكمن وراء أنظمة الحوسبة أن يساعد الأشخاص الذين يعملون ضمن هذه الأنظمة على فهم كيفية عملهم للبناء عليها.
تطلَّع إلى المستقبل
يعتمد مستقبل وظائفنا على مدى فهمنا للذكاء الاصطناعي واستخدام مهاراتنا الفريدة لتحسين أنظمته بدلاً من تهديدها. إن التقارب والتعايش بين البشر والذكاء الاصطناعي معاً يمكن تحقيقه من خلال وجود خرائط طريق واضحة للأفراد للتعلُّم واكتساب المعرفة.