الإبداع والتغييرمهارات الإبداعمهاراتنا

الإبداع والإنتاجية … تكامل وتناغم جوهري يُطوِّر منظمات الأعمال

تعتبر الإنتاجية أساسية في تحويل الاتجاه ومواكبة التطورات الهائلة التي تواجه منظمات الأعمال اليوم. وكذلك من ناحية أخرى، فإن الإبداع  بطبيعته يشكل شرارة التغيير الجذري الهائل في هذه المنظمات. وللمفارقة، يبدو  أن الإبداع والإنتاجية يتعارضان تمامًا من جهة القياس والتحديد الكمي. حيث أن الإبداع لا يمكن قياسه أو تحديده كمياً بعكس الإنتاجية التي يمكن قياسها وتحديدها كمياً. لذلك يمكن اعتبار هذا أمرًا رائعًا لتطوير الأفكار الكبيرة ولكن ربما ليس كثيرًا لتلك الاستحقاقات النهائية لمنظمات الأعمال التي تلوح في أفق المستقبل. من هنا لابد من مناقشة فكرة إمكانية أن يكون الإبداع والإنتاجية متكاملان ومتناغمان فعلاً أم أنهما مختلفان بشكل جوهري؟. أعتقد أن الإبداع يؤدي إلى الإنتاجية، بشرط أن يتم تطوير بيئة مكان العمل ورعايتها بطريقة تسمح بتكاملهما وتناغمهما معاً لتحقيق الأفضل.

يعتبر الإبداع من السلوكيات المكتسبة التي يكتسبها المبدع من البيئة التي حوله إذا توفرت له كافة العوامل المساعدة مثل التحفيز والعلم والابتكار والدعم. لذلك يمكن تحقيق الانتاجية من خلال تعزيز الإبداع وتشجيعه في مؤسستك، حيث سيؤدي إلى:

1) إثارة حماسة وشغف الموظفين

بالنسبة للعديد من الأشخاص، وخاصة رواد الأعمال ورجال الأعمال، يأتي الشغف بسهولة مثل التنفس. لكن بالنسبة للبعض، فإن إثارة هذا الشغف في مكان العمل يتطلب المزيد من الحافز. لذلك فإن القائد يستطيع تحقيق الأهداف المرجوة وخطة عمل المؤسسة من خلال إثارة حماسة وشغف الموظفين لتقديم افكار إبداعية في بيئة العمل.

بغض النظر عن قسمهم أو دورهم، يمكن للموظفين الذين يشاركون في العملية الإبداعية امتلاك فكرة بدلاً من قائمة مهام. في حين عندما يتمكن الموظفون من امتلاك فكرة ورعايتها من البداية حتى تنفيذها، فإنهم يصبحون أكثر شغفًا وإلهاماً وسيعملون بجد أكبر لرؤية فكرتهم تتحقق.

2) تمكين الموظفين وتحسين ولاءهم

السماح للأشخاص بإحداث تأثير ملموس ومرئي على بيئة عملهم يعد حافزًا قويًا. لا أحد يريد أن يشعر وكأنه يعمل بلا تفكير من خلال قائمة مهام ليس لها أي تأثير واضح ذي مغزى. لذا أحد مفاتيح رعاية مكان عمل إبداعي هو تمكين جميع الموظفين من طريقة للتعبير عن أفكارهم. ومن خلال عرض هذه الأفكار على مؤسستك بالكامل، فإنك تجعل موظفيك يشعرون بالتقدير والاحترام في نفس الوقت وتنشر تفكيرًا جديدًا ومبتكرًا في جميع أنحاء عملك. علماً أن هذه ليست مجرد نتيجة ايجابية للإنتاجية فحسب، بل لها تأثير جانبي ممتع يتمثل في تحسين الولاء أيضًا

3) إزالة الخوف من الفشل

الخوف من الفشل يشل البيئات الإبداعية ويعيق تدفق الأفكار والإنتاجية. يبقينا الخوف نتحرك ما بين السطور، ويزيل كل احتمالات التحسين أو التبسيط أو إنشاء طرق جديدة وأكثر فاعلية للعمل. من هنا فإن منح الناس الحرية وعدم الخوف من الفشل يعتبر أحد المكونات الرئيسية لتعزيز البيئة الإبداعية. كما أنه يشجع على التفكير الإبداعي، ومن خلال الابتكار يتم تحقيق زيادة مستمرة في الانتاجية.

4) معالجة المشاكل المعقدة

غالبًا ما يتم تصوُّر الإنتاجية على أنها التعامل مع نفس المهام مرارًا وتكرارًا بأكبر قدر ممكن من الكفاءة. بينما يعد هذا أمرًا رائعًا لعملك من نواح كثيرة. إلا أنه يمنع موظفيك من تحدي أنفسهم لمعالجة مشكلات معقدة وغير عادية. وهذا يعتبر أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل العقلية السائدة هي عقلية التعوُّد على نفس طريقة العمل والاعتقاد دائماً بصحتها.

لذلك فإن تشجيع التفكير الإبداعي يساعد الموظفين في رؤية الصورة الأكبر والاستفادة من التركيز الإنتاجي على القضايا ذات التأثير الأعمق على الأعمال. على الرغم من أن العملية الإبداعية قد تبدو أقل إنتاجية من مجرد إخراج العمل. فمن خلال تحويل تلك الجهود في النهاية إلى مشاكل معقدة، تصبح إنتاجية العمال أكثر جدوى وتزدهر الأعمال.

5) استمرار العمل الابتكاري

الأفكار المبتكرة – سواء كانت لمنتج جديد أو مجرد عملية سير عمل جديدة أكثر إنتاجية – هي ساحات معركة تنافسية للمؤسسات. علماً أن تشكيل البيئات حيث يمكن للإبداع أن يزدهر يحوِّل العمل إلى إبداع وابتكار مستمر. لأنه عندما تتيح لموظفيك الحرية في طرح الأسئلة دائمًا، ومناقشة جميع المسائل والأفكار المتعلقة بالعمل وتطويره، فلن يكونوا أبدًا في الأماكن غير المنتجة.

وفي نهاية الأمر، فإن قدرة بيئة العمل على الإبداع والابتكار ضرورة حتمية لنجاح المؤسسة وبقاء الموظفين في الإطار الصحيح لمواكبة الأفكار الجديدة. وبعد ذلك توفير بيئة آمنة للموظفين بعيدة عن التوتر لأن التوتر لا يفسح المجال لأي طاقات إبداعية.

يعد الإبداع أمرًا مهمًا لارتقاء منظمات الأعمال وتطوُّرها وزيادة انتاجيتها. سواء من حيث زيادة انتاجية الموظفين من خلال تطويرهم والاهتمام بهم. أو من خلال خلق فرص عمل جديدة وتعزيز التواصل الفعّال، وزيادة الخبرات والكفاءات.

اظهر المزيد

د عاطف عوض

د عاطف عوض أستاذ جامعي تخصص إدارة موارد بشرية. خبرة أكثر من 25 سنة في مجال العمل الأكاديمي والإداري. استشاري في تطوير السياسات واستراتيجية الموارد البشرية المبتكرة. وكذلك خبرة طويلة في تطوير الممارسات المستقبلية بما في ذلك استراتيجيات التطوير الوظيفي وإدارة المواهب وبرامج التطوير واستراتيجيات الإدماج. القدرة على توجيه المشاريع المعقدة من المفهوم والأفكار إلى حالة التشغيل الكامل. مدرب دولي معتمد في مجال تطوير وتنمية الموارد البشرية والتطوير التنظيمي.
زر الذهاب إلى الأعلى