التحليلات في المنظمات تُقلِّل المخاطر وتُعظِّم العوائد
يعتبر رأس المال البشري أهم عناصر الإنتاج وتحقيق الميزة التنافسية للمنظمة. لذلك فهو يعتبر أحد أهم أصولها الذي يصنع النجاحات والانجازات على المدى الطويل. وهذا يستوجب الاهتمام به بالشكل الذي يساعده لتحقيق هذه النجاحات والانجازات. ولفهم وتفعيل هذه الأصول المهمة أصبح من الضروري أن تكون التحليلات جزءاً من أقسام إدارة الموارد البشرية، حيث تساهم في تطوير رأس المال البشري ونموه ليحقق الانجازات المطلوبة. علاوة على ذلك فإن التحليلات في المنظمات تكسبها ميزة تنافسية من خلال مواكبتها للتغييرات والتطورات في التكنولوجية الذكية والمبتكرة في مجالات إدارة الموارد البشرية بشكل خاص. علماً أن تحليلات الموارد البشرية تغيّر طريقة الارتباط والتفاعل مع استراتيجيات المنظمة من جهة ورأس المال البشري العامل فيها من جهة أخرى.
الحاجة لتحليلات الموارد البشرية
تقليدياً، تنحصر أنشطة إدارة الموارد البشرية ودورها في المعاملات ذات العلاقة بالموظفين، والتي هي أشبه بإدخال المعلومات والملفات وحفظها لا أكثر. مما يشير إلى عدم وجود دور حقيقي وفاعل لإدارة الموارد البشرية وأقسامها في اتخاذ القرارات المستندة إلى البيانات الفعلية.
في مجال إدارة الموارد البشرية، يوفر استخدام البيانات ميزة تنافسية من حيث اتخاذ القرار. لذلك العديد من المنظمات تعمل بشكل جدّي على تطوير قدرات تحليل البيانات للموارد البشرية. إضافة الى تعزيز تعلُم وتطوير متخصصي الموارد البشرية لاستخدام البيانات والخوارزميات لتوجيه حلول الأعمال.
في عالم اليوم المعتمد على البيانات، تساعد تحليلات الموارد البشرية في توجيه قرارات المواهب والإدارة والتوظيف للمنظمات من جميع الأحجام وفي جميع الصناعات. حيث تستخدم العديد من المنظمات المقاييس في الموارد البشرية للتأثير على كيفية استقطاب الموظفين والاحتفاظ بهم وتعويضهم. علماً أن المنظمات تستفيد من تجميع وتحليل البيانات التي يمكنها زيادة الإيرادات وخفض التكاليف من خلال تحسين العمليات. تحقيقاً لذلك، تقوم المنظمات اليوم ببناء فرق تحليل المواهب، واستبدال الأنظمة القديمة بسرعة، والجمع بين مجموعات التحليلات المنفصلة داخل الموارد البشرية في وظيفة إستراتيجية واحدة.
فهم تحليلات الموارد البشرية
على الرغم من أن التحليلات لن تحل كل تحديات الموارد البشرية، إلا أنها ستوفِّر فهمًا لوظائف الأعمال. وكذلك ستساعد متخصصي الموارد البشرية المدربين على تطوير خطط تحسين الاستثمار في القوى العاملة والمواهب. وأيضاً ستساهم في المراقبة الفعّالة للتوظيف والتطوير والمشاركة والإنتاجية والأداء والمساءلة والاحتفاظ. كما أن تحليلات الموارد البشرية تقوم بربط المعلومات المتعلقة بالقوى العاملة باستراتيجية المنظمة وعملياتها، من خلال توفيرها وجمعها بيانات نوعية وكمية في إنشاء نموذج للأداء التنظيمي لتوليد رؤية لاستشراف المستقبل.
لإنشاء تحليلات فعّالة، من المهم جدًا فهم “نموذج العمل” واستراتيجيته. حيث يمكن جمع البيانات التحليلية من:
- القوى العاملة المشاركة في العمليات والهياكل وتصاميم أدوار الموظفين.
- فهم القوى العاملة من خلال الكمية والجودة والوقت والتكلفة المطلوبة لنموذج الأعمال.
- تقييم مشاركة القوى العاملة وتحفيزها من حيث كيفية تطبيقها لمعايير الأداء.
- مجالات تطوير وتمكين الموظفين والاحتفاظ بهم.
أنواع التحليلات
- التحليلات التشغيلية: تعتمد على التغذية الراجعة ويمكن استخدامها للاجراءات التصحيحية من خلال إعداد التقارير التشغيلية لكفاءة الموظفين وتدابير الامتثال.
- التحليلات المتقدمة: وهي استباقية تعتمد على التحليل متعدد الأبعاد لإنشاء نماذج إحصائية وتحليل السبب الجذري لحل المشاكل ومبادرات اتخاذ القرار.
- التحليلات التنبؤية: وهي استراتيجية يمكن دمجها مع التخطيط الاسترتيجي تعمل على تطوير النماذج التنبؤية وتخطيط السيناريوهات المستقبلية التي تساهم بوضع السياسات والقرارات وبناء الثقافة التنظيمية.
فوائد تحليلات الموارد البشرية
نظرًا لتوفُّر الكثير من البيانات، من المهم لفرق الموارد البشرية تحديد البيانات الأكثر صلة أولاً، بالإضافة إلى كيفية استخدامها لتحقيق أقصى عائد على الاستثمار. لأن تحليلات الموارد البشرية تهدف إلى توفير رؤية واضحة ودقيقة حول أفضل السبل لإدارة الموظفين وتحقيق أهداف واستراتيجيات المنظمة.
لتحقيق الفعّالية والاستفادة من تحليلات الموارد البشرية، يجب على المنظمات جمع البيانات ثم استخدامها لصنع القرار وتحسين العمليات المرتبطة بوظائف المنظمة ككل لمواجهة التحديات المتعلقة بـ:
- مقاييس أداء الموارد البشرية في المنظمة.
- عملية صنع القرار وتحديد الاتجاه.
- المساءلة الإدارية الفعّالة.
- الدور الاستراتيجي لإدارة الموارد البشرية.
- استقطاب المواهب.
- الثقافة التنظيمية ومشاركة الموظفين وتمكينهم.
- التعلُّم والنمو وتحديد المسارات الوظيفية
دائمًا ما تكون الرؤى المستندة على البيانات أفضل. وبالتالي، فإن تحليلات الموارد البشرية تدور حول اتجاهات الموارد البشرية واستخدامها وتطويرها، والتي بدورها تقلِّل المخاطر وتعظِّم العوائد.
التحديات والفرص في التحليلات
يعتبر الوصول إلى التحليلات الخطوة الأولى فقط عندما يتعلق الأمر بالاستفادة من البيانات لتحسين سياسات المنظمة وممارساتها. ولكن تكمن القيمة الحقيقية في تحويل هذه البيانات والأفكار إلى تغيير يوفِّر قيمة للمنظمة وأعمالها. حيث يتمثل الجزء الأصعب في تحليلات المواهب في تنفيذ التغييرات التي أوصت بها النماذج. كما يجب أن تكون هذه التحليلات مصحوبة بممارسات سليمة لإدارة التغييرات المستقبلية في المنظمة.
إن الاتجاه الحالي نحو تحليلات الموارد البشرية سيستمر في النمو، حيث تلعب التحليلات في المنظمات دورًا رئيسيًا في اكتساب المواهب وتطويرها. وهنا يأتي دور وفرصة متخصصي الموارد البشرية في إظهار القيمة والعائد على الاستثمار الذي يمكن أن يحققه الاستثمار في التحليلات، مما يؤدي إلى الرغبة في زيادة الاستثمار وتحفيز التسريع في قدرات التحليلات.
يجب على أصحاب المصلحة الاستثمار في إمكانات التحليلات المتكاملة كطريقة لتحقيق أقصى استفادة من رأس المال البشري. خاصة وأن التوظيف واستمرار المنظمات في البحث عن أفضل المواهب أصبح أكثر تنافسية.
عندما تكون فرق الموارد البشرية قادرة على الاستفادة من الأفكار العديدة التي تقدمها التكنولوجيا الذكية كالذكاء الاصطناعي، يمكنهم جمع المعلومات والبيانات الضرورية وتحليلها للنجاح المستمر.