تحوُّلات وانتقالات ضرورية يجب على المدراء القيام بها للبقاء والاستعداد للمستقبل
إن إدراج التقنيات المتقدمة الناشئة مثل التعلُّم الآلي والذكاء الاصطناعي في مختلف أنواع الأعمال والصناعات يعني إعادة تعريف العديد من الوظائف بواسطة التكنولوجيا في المستقبل. ومن المتوقع أن يتم رقمنة معظم مجالات الأعمال والصناعات بالكامل بحلول السنوات العشر القادمة. بالتالي مع تقدم التكنولوجيا، ستساعد الابتكارات الموظفين وأصحاب العمل على التواصل مع بعضهم البعض بشكل أفضل. نتيجة لذلك، ستساعد نماذج الأعمال المتكاملة في إعادة تشكيل مجموعات كبيرة من المهارات التي تحتاج إلى التكيُّف مع طرق العمل الجديدة والمتكاملة. علاوةً على ذلك سيحتاج المدير المستقبلي إلى تلبية هذه المطالب استعداداً للمستقبل. لذلك يجب على المدير المستقبلي التحوُّل والانتقال من المهام الأساسية المثبتة كوظائف الادارة (التخطيط – التنظيم – التوجيه – الرقابة) لمساعدة المنظمات على مواجهة تحديات الحاضر والتهيؤ للمستقبل. فيما يلي بعض أهم التحوُّلات والانتقالات التي يجب على المدير المستقبلي القيام بها:
1. من الإشراف إلى التطوير
عندما يقوم الذكاء الاصطناعي بالمزيد من المهام، فلن تكون هناك حاجة لمشرف لتوجيه الأشخاص الذين يقومون بمثل هذه المهام. لذلك فإن المطلوب من المدير المستقبلي هو التفكير بشكل مختلف في المستقبل من أجل تشكيل التأثير الذي سيحدثه الذكاء الاصطناعي على أعماله. وهذا يعني قضاء المزيد من الوقت في استكشاف الآثار المترتبة على الذكاء الاصطناعي، ومساعدة الموظفين على توسيع حدود المعرفة الخاصة بهم، والتعلُّم من خلال التجريب لتطوير ممارسات جديدة.
2. من التفاصيل إلى التفويض
هناك عدد كبير جداً من المديرين يقومون بإدارة كل التفاصيل. إنهم لا يفوِّضون أو يسمحون للموظفين باتخاذ القرارات، ويراقبون عمل موظفيهم حتى أدق التفاصيل. علماً أن هذا الاتجاه يحِدُّ من قدرة الموظفين على تطوير تفكيرهم واتخاذ القرار لمساعدة المنظمات لتظل قادرة على المنافسة. من هنا تظهر حاجة المدير اليوم إلى استخلاص أفضل تفكير لدى الموظفين وتشجيعهم على التفكير الابداعي والتحليلي في الطرق التي تكتشف المستقبل الجيد للمنظمات.
3. من التفرُّد إلى التنوّع
يعتقد الكثير من المديرين أنهم أذكياء بما يكفي لاتخاذ جميع القرارات دون مساعدة أي شخص آخر. علماً أنهم يحتاجون إلى امتلاك مجموعة متنوعة من أساليب التفكير للتأثير على التحديات التي يواجهونها. لذلك فإن المدير المستقبلي يستمد الأساليب المختلفة والمتجددة من تجارب الآخرين الذين يتبادلون وجهات نظرهم ودمج تجاربهم وتخيُّل مستقبل مختلف.
4. من التقليدي إلى المبتكِر
تحتاج المنظمات إلى أن يفكر المدير كثيراً في الابتكار، وليس فقط في مواجهة التحديات. عندما تتوسع المنظمة، أو عندما يبدأ المدير بالقول بأن المنظمة تقوم بعملٍ جيد، فهذا هو الوقت المناسب لبدء التفكير. لأنه عندما تكون المنظمة تحت تهديد الانهيار ليس من الصعب إيجاد أسباب مقنعة للتغيير. حينها تحتاج المنظمة إلى معرفة أن نجاحاتها لا ينبغي أن تشتت انتباهها عن الابتكار، لأنه ليس هناك أفضل وقت للابتكار بل جميع الأوقات هي للإبتكار.
5. من الإطفائي إلى المتحدِّي
الوظيفة الأولى للعديد من المديرين هي “إطفاء الحرائق”، وإصلاح المشاكل التي نشأت بشكل طبيعي من قيادات المنظمة أو موظفيها. علماً أن هذه يجب ألاَّ تكون الوظيفة الوحيدة لمدير اليوم. بدلاً من ذلك، يتطلب من المدير المستقبلي إيجاد طرق أفضل لتشغيل المنظمة من خلال تحدِّي فريقه لاكتشاف طرق جديدة وأفضل للنمو، وإعادة تصوُّر وتخيُّل أفضل ما تم إنجازه من قبل. وهذا يتطلب ممارسة المزيد من التفكير لفهم التحديات التي يجب متابعتها، وكيف يميل الموظفون إلى التفكير في تلك التحديات والاستجابة لها.
6. من صاحب عمل إلى رائد أعمال
تتحول العديد من الوظائف إلى محاولة إرضاء المدير. كما أن التركيز على العملاء والمنافسين والابتكارات واتجاهات السوق والأداء التنظيمي يتحوَّل بسهولة إلى ما يريد المدير القيام به اليوم وكيف يريد ذلك. لذلك يجب إعادة صياغة وظيفة المدير المستقبلي بشكل دائم من صاحب عمل إلى رائد أعمال. وهذا من شأنه أن يجعل المنظمة تواجه المستقبل بشكلٍ أكثر حيوية وانفتاحاً على التجديد الدائم.
بالاضافة إلى التحوُّل والانتقال المطلوب من المدير المستقبلي في مهامه، هناك بعض المهارات سيحتاجها إلى الاستمرار في تبنِّيها وتعلُّم النجاح خلال السنوات القادمة:
1) إدارة التكنولوجيا
سيحتاج المدير المستقبلي إلى فهم التكنولوجيا بدقة للاستفادة من تحدياتها وفرصها في إدارة البيانات، وتطوير الوظائف والمهارات، وأدوار مكان العمل، والخصوصية. ومع تغيُّر التكنولوجيا، سيحتاج إلى تثقيف نفسه باستمرار بشأن أنظمة التشغيل الجديدة حتى يتمكن من مواكبة المشكلات الناشئة. على الرغم من أنه قد لا يشغل أدواراً تقنية فقط، إلا أنه سيحتاج إلى معرفة كيفية العمل باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي كمحترف غير تقني حتى يتمكن من مساعدة موظفيه على تعلُّم هذه الأدوار. وكذلك أيضاً يحتاج لتبنِّي التقنيات الجديدة وإتقان ديناميكيات مكان العمل المتغيِّرة.
2) الشفافية والتواصل
سيوفر العالم الرقمي طرقاً أوضح وأكثر شمولية للتواصل. نتيجة لذلك، سيحتاج المدير المستقبلي إلى مستويات أعلى من الشفافية والتواصل. اليوم، يشعر المدير بالقلق باستمرار بشأن حماية خصوصية المنظمة والحفاظ على سرية المعلومات. ومع ذلك، في عالم من المرجح أن تحدث فيه التسريبات الرقمية، سيتعين على المدير المستقبلي المساعدة في صياغة استراتيجيات الشفافية التي تسمح للموظفين بمعرفة المزيد عن ممارسات العمل.
3) الذكاء العاطفي
خلال السنوات القادمة من المتوقع أن يصبح الذكاء العاطفي مكوناً أكثر بروزاً في مبادئ العمل. وهذا يشير إلى أن المستوى العالي من الذكاء العاطفي يعني أن الموظفين على دراية بأنفسهم، وبالتالي فهُم على دراية بنقاط القوة والضعف لديهم. لن يحتاج المدير المستقبلي فقط إلى الحصول على تقييم المهارات الشخصية الصحيح، بل يحتاج أيضاً إلى طلب مساعدة المشرفين والزملاء لتحديد الأفراد الأذكياء عاطفياً.
4) قيادة الفرق المتنوِّعة
سيحتاج المدير المستقبلي إلى تعلُّم كيفية بناء ثقافات في بيئات العمل غير التقليدية. نتيجة لذلك، ستصبح الفرق أكثر تنوعاً. لذلك فإن التركيبة السكانية المتغيِّرة تعني أن الفرق المتنوعة ضرورية للبقاء والاستمرار وأن المدير والقائد المستقبلي سيحتاج إلى الشمولية والحساسية تجاه الجميع. لذلك سيتعين على المدير وقائد العمل المستقبلي تعزيز بيئات إشراك التعاون والنقاش البنَّاء. ونظراً لأن التغيير يضرب قطاعات مختلفة، سيحتاج أيضاً إلى التشكيك في أدوار العمل التقليدية حتى يتمكن من تعديل ممارسات أعماله بكفاءة أكبر. من هنا يمكن أن تؤدي قيادة الفرق المتنوعة مع القليل من التوتر إلى أفكار مبتكرة ونتائج أفضل.
5) المهارات الناعمة
ستكون المهارات الشخصية سمة أساسية للمدير المستقبلي لتطوير نفسه حتى يتمكن من تقييمها في التعيينات المستقبلية. على سبيل المثال، مهارات مثل الاصغاء، والتواصل الفعَّال، والمواقف الإيجابية، وقبول الملاحظات، وإدارة الوقت بشكل رائع. علماً أن المدير المستقبلي سيحتاج إلى المهارات الناعمة لفهم موظفيه وعملية التعلُّم الخاصة بهم حيث يصبح العالم أكثر رقمية.
6) إدارة النزاعات
سيحتاج المدير المستقبلي إلى معرفة كيفية تحقيق أقصى إنتاجية من القوى العاملة لديه. لذلك ستكون ممارسات العمل القائمة على النتائج فقط هي العقلية التي يحتاج المدير المستقبلي إلى فرضها كجزء من ثقافة العمل. نتيجة لذلك لن تحمل تفاصيل مكان وكيفية عمل الموظفين الأهمية. سيركز المدير ذو الأداء العالي بشكل أكبر على النتائج والمخرجات. نظراً لأن العمليات وإكمال المهام ستصبح أكثر سلاسة مع الأدوات الآلية والابتكارات الأخرى، فسيتعلق الأمر بتحسين مهارات معينة بدلاً من عملية العمل. ومع مزيد من المرونة في مكان العمل، سيحتاج المدير المستقبلي كقائد استراتيجي إلى التركيز على استراتيجية الاتصال الفعّال والعلاقة وستكون إدارة النزاعات أولوية أعلى.
7) إدارة المستقبل
يمكن أن تساعدنا التكنولوجيا في التكيُّف مع ممارسات العمل الأكثر صحة لأنفسنا وللاقتصاد، بينما يتعلَّم المدير المستقبلي الأدوات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي والتعلُّم الآلي. كما سيتعلَّم أيضاً ممارسات أكثر كفاءة تدمج التعاطف والتفكير النقدي والإبداع من أجل ممارسات أعمال أكثر إنجازاً نجاحاً وبيئات عمل أفضل.
يجب أن يكون المدير المستقبلي شخصاً يحبُّ التعلُّم، ويبتكر ويشرك الآخرين في عملية التفكير الابداعي والابتكاري. لذلك دور المدير المستقبلي يمكن أن يكون أثره أقوى من دور الطبيب على حياة الآخرين، لأن ذلك ينعكس على نفسية الموظفين بصورة كبيرة ومؤثرة جداً، سواء إيجابياً أو سلبياً، لذا يجب على المدير القيام بدوره بأمانة وصدق وإخلاص.