التغيير أمرٌ لا مفرَّ منه وضروري لتقدُّم واستمرار المنظمات
تخيَّلْ أنك تطرح تقنية أو نظاماً جديداً من شأنه أن يجعل المنظمة تعمل بشكل أفضل وأكثر كفاءة. إنها إدارة التغيير، وأنت متحمس بشأن احتمالات التغيير المتاحة لنمو عملك. أما موظفوك ليسوا متحمسين كثيراً لهذا التغيير. لسبب ما لا يشاركك الجميع حماسك الجامح، في حين أن بعض الموظفين يقاومون التغيير بشكل علني.
من المحتمل أنك أنفقت الكثير من مواردك على التطوير والتغيير، بدلاً من القلق بشأن إدارة التغيير بحد ذاته. ولكن بغض النظر عن مدى روعة التغيير بالنسبة للمنظمة، فإذا لم يفهمْه الموظفون أو لا يقدِّرونه، فعلى الأرجح لن يتقبَّلوه أو يتكيَّفوا معه. لذلك من المهم صياغة خطة تواصل مع موظفيك مفصَّلة قبل إطلاق أي مبادرة تغيير جديدة. لأن عملية التغيير التنظيمي يمكن أن تكون مزعجة للكثير من الموظفين. ولكنك بقليل من الإعداد و التخطيط الجيد يمكنك جعل عملية إدارة التغيير أكثر سلاسة للجميع.
مقاومة التغيير
بشكلٍ عام الغالبية العظمى من الموظفين يقاومون التغيير، في حين أن بعضهم أكثر قابلية للتكيُّف من البعض الآخر. كما أن الجزء الأكبر من الموظفين يكونون حياديين للتغيير، ولكن يمكن لهؤلاء أن يقبلوا التغيير أو يقاوموه أيضاً تبعاً للمواقف والحالات التي تواجههم. من الجهة الأخرى يوجد نسبة قليلة من الموظفين الذين يقاومون التغيير، علماً أنهم لن يتغيَّروا، أو سيعملون على التغيير فقط عندما يُجبَرون على ذلك.
تحتوي كل منظمة على مزيج من هذه النوعيات من الموظفين. لذلك يجب عليك كمدير وقائد أعمال التواصل معهم لشرح فكرة التغيير والفوائد المتوقَّعة منه. حيث يتطلب الموظفون المقاومون للتغيير نوعاً مختلفاً تماماً من التواصل بخلاف الموافقين على التغيير. لأن المقاومون للتغيير يحتاجون إلى معرفة ماذا يشكل التغيير بالنسبة لهم، وما هي الرؤية والخطة المستقبلية التي ستنتج عن عملية التغيير. وكذلك يتساءلون لماذا لا يمكنهم البقاء والاستمرار مع الوضع الراهن، وهل هم فعلاً مضطرون للتغيير.
منحنى التغيير
لتتمكن من الحصول على معلومات إضافية حول كيفية تأثير التغيير على موظفيك، عليك أن تضع في اعتبارك منحنى التغيير الذي يُعتبر أداة كلاسيكية لإدارة التغيير. لذلك من المستحسن أن تطّلع على المراحل الخمس للحزن – الإنكار والغضب والمساومة والاكتئاب والقبول – التي طَوَّرَتْها الطبيبة النفسية إليزابيث كوبلر روس في الستينيات. حيث يمكنك معرفة كيفية التعامل مع موظفيك خلال عملية التغيير. علماً أنه تم تعديل النموذج منذ ذلك الحين للمساعدة في شرح ما يمر به الأشخاص أثناء التغيير التنظيمي. على سبيل المثال، من المحتمل أن يمُرَّ موظفوك بالمراحل التالية أثناء مبادرة التغيير:
- صدمة (“لا أصدق ذلك!”)
- الإنكار (“لن تنجح هنا أبداً!”)
- الإحباط (“خطأ الإدارة!”)
- الاكتئاب (“أنا أستسلم. التغيير يحدث سواء أحببته أم لا!”)
- التجريب (“حسناً … ربما يمكننا جعله يعمل!”)
- صنع القرار (“دعونا نمضي قدماً!”)
- التكامل (“لقد أجرينا التغيير. فلنعد الآن إلى العمل!”)
من الطبيعي أن يمر كل موظف في هذه المراحل قبل أن يصبح التغيير جزءاً سلساً من المنظمة. وتذكَّر أيضاً أنك ربما تكون بالفعل في المراحل الأخيرة من منحنى التغيير بحلول الوقت الذي تبدأ فيه التغيير. وبما أنك ناقشت التغيير وقررت كيفية تنفيذه وأنت مستعد لدمجه في المنظمة، بالمقابل عليك أن تُدرك أن موظفيك موجودون في بداية المنحنى مباشرةً وهم بحاجة إلى مزيد من الوقت والمعلومات للوصول إلى ما أنت عليه الآن.
أخطاء لا ترتكبها
لسوء الحظ، يبخل العديد من أصحاب الأعمال والقادة بإعداد خطة اتصال جيدة مع موظفيهم، حيث يتوقعون أن يكون حماسهم للمبادرة مُعدياً، بحيث ينتقل حماسهم إلى موظفيهم. وبما أنك أدركت العوائق التي تحول دون التغيير، فقد حان الوقت لصياغة خطة اتصال بعناية تدعم مسيرتك في إدارة عملية التغيير في المنظمة. لذلك من المهم أن تنحّي مشاعرك جانباً، وبدلاً من ذلك، ضع نفسك مكان موظفيك. وعليك تجنب ارتكاب هذه الأخطاء الجسيمة:
1. عدم التعبير عن الحاجة إلى التغيير
يحتاج موظفوك إلى فهم السبب وراء التغيير. هل سيساعد التغيير في جعلهم أكثر إنتاجية أكثر إنتاجية أو يجعل وظائفهم أسهل؟. وهل سيساعد المنظمة على زيادة الأرباح، والتي يمكن أن تترجم إلى أمن واستقرار وظيفي أفضل أو تعويض أفضل لهم؟.
إذا لم يكن سبب التغيير مقنعاً بما يكفي، فلن يتم انتقالهم وتفاعلهم في العمل. من هنا عليك أن تكون حريصاً ومقنعاً حتى لا يتحول الافتقار إلى الحماس لمبادرة أو سياسة جديدة، إلى أداء ضعيف من جانب موظفيك. في حين أن هذا ليس هو نوع التغيير الذي يريد عملاء المنظمة رؤيته.
لكي تتجنب هذه الحالة عليك أن تبدأ جهود الاتصال الخاصة بك جيداً قبل بدء التغيير، باستخدام مزيج مستهدف من قنوات الاتصال. على سبيل المثال، قُمْ بإعداد مذكرات البريد الإلكتروني واستخدام المنصات الالكترونية والعروض التقديمية الجماعية، فهي طريقة رائعة لشرح الأساس المنطقي والرؤية الكامنة وراء التغيير، بالإضافة إلى الاجتماعات الفردية حيث يمكن للموظفين مشاركة مخاوفهم بشكل خاص. وكذلك أهدُفْ إلى مستوى من التواصل الفعّال يحافظ على التغيير في ذهن موظفيك، لكنه لا يربكهم.
2. عدم إعطاء رؤية واضحة للمستقبل
كيف سيبدو المستقبل بعد تنفيذ التغيير؟ يمكن أن تبدأ مبادرات التغيير بسرعة وتولِّد الكثير من الحماس الأولي، ولكن إذا لم يتمكَّن موظفوك من تصوُّر رؤيتك البعيدة، فقد يتلاشى هذا الحماس بسرعة كبيرة. قد لا يبذلون قصارى جهدهم لإجراء التغيير، أو تأخير المبادرة عن الجدول الزمني أو إخراجها عن مسارها تماماً. من هنا عليك توضيح مبادرة التغيير من خلال معايير قابلة للقياس الكمي، وكن محدداً قدر الإمكان لجعل المستقبل ملموساً.
3. عدم إعطاء الموظفين الأدوات أو القدرة على التغيير
في أي منظمة، من الطبيعي أن يكون الموظفون مثقلون بالمسؤوليات اليومية، لذا عليك ألاّ تزيد أعباءهم بالتغيير أيضاً. لذلك عليك التأكد من أن لديهم الوقت الكافي والمهارات اللازمة للتعامل مع التغيير، بالإضافة إلى الأدوات المناسبة. علماً أنه إذا لم يكن لدى الموظفين أي منهما، فمن المحتمل أن يتعرضوا للتوتر والضغوط النفسية إلى أقصى حد. عندها لا تتفاجأ إذا رأيت معدل دوران الموظفين يرتفع نتيجة لذلك. ولكي تتجنب هذه الحالة عليك أن تخصص الوقت الكافي لموظفيك للتدرُّب واستخدام المهارات بشكل مهني وأداء عالي، حيث أن مبادرات التغيير الفعال لا تحدث بين عشية وضحاها.
4. عدم وجود خطة عمل
هل يعرف موظفوك ماذا سيفعلون بعد عملية التغيير؟ … إذا لم تقدم خطة عمل مفصلة فلن يحدث التغيير. علماً أن الوصول إلى وجهتك أسهل بكثير إذا كان لديك دليل تفصيلي يعمل كخريطة طريق. وبدون توجيه واضح سيهدأ الحماس لدى موظفيك بسرعة ولن تذهب مبادرة التغيير الخاصة بك إلى أي مكان. لذلك يتوجب عليك وضع خطة عمل واضحة ومشاركتها مع جميع المستويات الادارية والوظيفية في المنظمة. كما عليك التحقُّق بانتظام للحصول على تقارير الحالة ومعرفة ما إذا كانت مبادرة التغيير تسير على الطريق الصحيح.
التقدُّم مستحيل بدون تغيير
التغيير أمرٌ لا مفر منه وضروري للمنظمات النامية، لكنه قد يكون مخيفاً. من خلال استراتيجيات الاتصال الصحيحة في متناول اليد، يمكنك تسهيل الانتقال لموظفيك وجعل التغيير ثابتاً وممكن التحقيق وليس مستحيلاً.