تطوير عقلية المرونة لدى الموظفين تعزِّز مسارهم المهني وقدرتهم على التطوُّر رغم المتغيرات
عندما تمر مؤسستك بأوقات غير مستقرة أو مليئة بالتحديات، فمن الأهمية بمكان أن يتبنى كل فرد في فريقك عقلية المرونة. وهي القدرة على الاستمرار في التطور على الرغم من المتغيرات، على سبيل المثال القدرة على التكيُّف مع الظروف المتغيرة، ودمج سلوكيات جديدة واتباع عمليات جديدة.
لماذا تعتبر عقلية المرونة مهمة؟
إن عقلية المرونة ليست أقوى ما يبقيك على قيد الحياة، ولا أكثر الصفات ذكاءً، ولكنها الأكثر استجابة للتغيير. على سبيل المثال بعض هذه التغييرات (الأوبئة، مثل COVID-19 – الانكماش الاقتصادي الحاد – أزمات وتغيرات الصناعة – أزمات وتغيرات التكنولوجيا – حوادث الإرهاب – الكوارث الطبيعية) التي يمكن أن تقلب مكان عملك وتختبر الثبات الذهني لفريقك بدرجات متفاوتة. لكي تستمر أعمالك وتزدهر في خضم هذا النوع من التغييرات، يحتاج فريقك إلى التحلي بالمرونة. لأن جزء من قدرتهم على التكيُّف مع التغيير سيكون بسبب ميولهم الطبيعية الخاصة. أما الجزء الآخر منه بيئي. لذا لا بد من طرح السؤال التالي: “كيف يمكنك كقائد خلق جو إيجابي وداعم يمكن أن يساعد في توجيه موظفيك خلال فترة الأزمات والتغييرات؟”.
التفكير الخطي مقابل عقلية المرونة
لماذا يعتبر امتلاك عقلية المرونة تحدياً للكثير منا؟. علماً أننا مخلوقات نميل إلى الراحة. بقدر ما قد ندرك أن التغيير يمكن أن يؤدي إلى نتائج جيدة، علماً أنه الدافع للابتكار والتطور والنمو، غالباً ما نقاوم التغيير. لذلك من الطبيعي أن نعود إلى التفكير الخطي والعمليات (الخطوة – الخطوة 2 – الخطوة 3 … إلخ). هذا ما تم تدريبنا للقيام به، وهو يؤدي بشكل عام إلى نتيجة يمكن التنبؤ بها. ولكن في كثير من الأحيان التفكير الخطي يؤدي إلى فشل الموظفين في الأزمات، خاصة تلك المواقف التي تنطوي على تغييرات متعددة في وقت واحد، وتقلبات متتالية، وعدم اليقين في المستقبل. تتطلب هذه المواقف المرونة وخفة الحركة والمزيد من حل المشكلات والتفكير خارج الصندوق.
قد لا تكون العمليات التي اعتاد موظفوك على اتباعها ذات صلة أو كافية لحل المشكلات والتحديات التي تواجه مؤسستك الآن. قد لا تكون هناك بداية واضحة ونهاية للتحديات التي تعاني منها مؤسستك. كذلك يمكن للتفكير الخطي أن يوقعنا في فخ التفكير بأن هناك طريقة واحدة مقبولة للقيام بالأشياء، والتي تبعدنا عن الاحتمالات الأخرى. في هذه الحالة، يمكن للتفكير الخطي أن يجعل موظفيك يشعرون بأنهم “عالقون” ويمنعهم من المضي قدماً وتحقيق النجاح في كل ما هو “الوضع الطبيعي الجديد”.
صحة الموظف وأمانه
لا تقلل من شأن الخسائر المادية والعاطفية التي يمكن أن تلحق بموظفيك بسبب الأزمات والتغييرات في مكان العمل، لا سيما أولئك الذين يعانون من مستوى منخفِض في عقلية المرونة. عند حدوث تغييرات أو أزمات، بالتأكيد، يمكن أن يؤثر الإجهاد الشديد المرتبط بالأمن الوظيفي والشؤون المالية على الصحة البدنية للفرد. وقد يكون التفكير السلبي ضاراً داخل فريقك، حيث يؤثر على الإنتاجية وجودة العمل. وكذلك يتسبب في جعل الموظفين يركزون على أنفسهم وانسحابهم، وذلك يؤدي إلى فشل في مساعدة بعضهم البعض وتحديد فرص أكبر لمؤسستك. باختصار، يمكن أن يضعف ذلك تماماً قدرة مؤسستك على تجاوز التغييرات والأزمات.
تعزيز عقلية المرونة
1. الإقرار بالوضع
لا تدع الخوف وانتشار الشائعات يترسخان داخل فريقك. من المهم أن تجمع فريقك وتجعله متَّحِداً لمواجهة المشكلة بشكل مباشر. وذلك من خلال شرح ماذا حدث، وما هي التأثيرات على المؤسسة. بالاضافة إلى شرح ما يمكن توقعه في المستقبل القريب وما يمكن لفريقك القيام به في الوقت الحالي. علماً أن قيامك بهذه الخطوة يزيل بعض الغموض وعدم اليقين.
2. مناقشة حول كيفية السيطرة على الوضع
من المفارقات، أن فهم ما لا يمكننا التحكم فيه يجعلنا أكثر تحكُّماً واعتباراً في أفعالنا. لذا تحدَّثْ عما لا يتحكم فيه فريقك في مقابل ما يمكن لفريقك التحكم فيه. علماً أن ما لا يمكنك التحكم فيه يتمثل في جميع العوامل الخارجية. أما ما يمكنك التحكم فيه وما الذي يعزز الزخم إلى الأمام يتمثل في رد فعلك على هذه العوامل الخارجية.
3. التواصل والشفافية
قيامك بالتواصل والشفافية بشكل صحيح، عندها يمكن أن يخلق تواصلك مع موظفيك إحساساً بالاستقرار، وهذا مهم في منع مشاعر الخوف والعزلة. يحتاج الموظفين إلى الشعور بأنهم يعرفون ما يحدث ويتم مشاركتهم في ايجاد الحلول.
4. تحديد الأولويات
وضِّحْ لفريقك ما هو مهم الآن وما هي الأولويات. على سبيل المثال يمكنك توضيح وشرح ما هي أهم اهتماماتك، وما هي المهام أو المشاريع التي تتطلب إحساساً بالأولوية، وما هي المهام أو المشاريع التي يمكن تنحيتها جانباً بشكل مؤقت. قيامك بذلك يمنع موظفيك من التساؤل عما يجب عليهم فعله وما إذا كانوا يضيفون قيمة ويتجنبون إضاعة الوقت والموارد.
5. التفويض
قم بتفويض ما تستطيع من مهماتك كقائد إلى أعضاء الفريق الآخرين في مختلف مستويات الهيكل التنظيمي. علماً أن التفويض يمنح موظفيك الإحساس بالمهمة والهدف، فضلاً عن الأمان. من هنا فإن آخر شيء تريده هو أن يشعر موظفيك بالعجز وعدم الفائدة، فهذا لا يؤدي إلى عقلية المرونة. علاوة على ذلك، فإن تفويض المهام يؤدي إلى تعزيز المرونة والتخطيط الأفضل، تحديد المزيد من الكفاءات، المزيد من مشاركة الأفكار والتعاون عبر الفريق، واكتشاف مواهب وأصول جديدة لدى بعض الموظفين.
6. الابتعاد عن التفكير الخطي
لتحقيق ذلك عليك العمل مع فريقك لإنجاز الأشياء من خلال إعادة تحديد التوقعات حول شكل المستقبل المنظور. كذلك وضع أهداف جديدة مهما كانت صغيرة أو قصيرة المدى. بالاضافة إلى تطوير إلى تطوير عقليات حل المشكلات وتشجيع الأفكار والتوصيات والإبداع.
7. متابعة أداء الموظفين ورعايتهم
تابعْ فريقك بانتظام لمعرفة أدائه. عليك مساعدة موظفيك وإبداء الاهتمام بهم والقضاء على أي مواقف سلبية في مهدها. إذا أظهر موظفوك إشارت وعلامات الاجتهاد، فلديك خيارات جاهزة للتخفيف من التوتر. يجب أن يكون هذا جزءاً من ثقافتك التنظيمية. يرتبط الكثير من عقلية الموظف في العمل بعلاقته مع قائده ومديره المباشر. كقائد، كلما اتسمتَ بالدفء والانفتاح والعناية والثقة، ذلك سيجعل موظفيك يشعرون بمزيد من الأمان على الرغم من عدم اليقين.
إذا كان من الواضح أن الموظف يحتاج إلى مزيد من الوقت للتكيف، فكنْ مرناً. يستحق كل شخص فترة من الوقت لتقييم قدرته على الصمود والمرونة وإجراء التعديلات. ضعْ في اعتبارك كيف يمكنك تلبية احتياجات موظفيك الشخصية دون التأثير سلباً على عملك أو استهلاك الكثير من الموارد خلال وقت الأزمات.
يمكن أن تكون التغييرات صعبة للغاية على موظفيك. حيث أنها تثير التساؤل عن كل ما هو مألوف لهم في مكان العمل وحتى يؤثر على سلامتهم الجسدية والعاطفية. علاوة على ذلك، يمكن لردود الفعل السلبية أن تمنع عملك من التغلب على الأزمة وتجاوزها. لهذا السبب، كقائد يجب عليك تعزيز عقلية المرونة لدى موظفيك.