قواعد تنظيم العمل الاستشرافي لرؤية المستقبل
نعيش اليوم في عصر يزخر بعددٍ كبيرٍ من القادة الاستراتيجيين والمنظمات والمجتمعات يعملون بحزم وإصرار ومثابرة لإحداث تأثير في الكون. وهذا هو سبب الحاجة والضرورة الملحة إلى العمل الاستشرافي، لا سيما وأن التغيرات والتطورات متسارعة ومتنامية، والحديث عن المستقبل يتمحور حول مصير الأجيال القادمة.
” نحن نتطلع إلى المستقبل بمزيد من الإصرار والثقة لمواصلة مسيرة الوطن وتحقيق ما هو أفضل لأجيالنا القادمة والبشرية جمعاء“
سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان
نحن بحاجة إلى عمل مستمر ومنهجي لمواكبة وتيرة هذه التطورات والتغييرات المتسارعة، ولتأسيس تطورنا الخاص على اتجاهات معقولة، كما أن بناء المستقبل يعتبر من مسؤولياتنا وأولوياتنا.
يعتبر العمل الاستشرافي فن وعلم تشكيل المستقبل واتِّخاذ القرارات والتَّصَرُّف. وذلك من خلال محاولات مدروسة للنظر في مستقبل المجتمعات واقتصاداتها والعلوم والتقنيات الحديثة وتفاعلاتها. وذلك من أجل تعزيز العائد الاستثماري على المجتمع والاقتصاد والبيئة. وكذلك فإنه يعتبر ركيزة أساسية في عمليةُ تَوَقُّع التغيير وإدارته.
ستكون هناك حاجة دائمًا إلى هذا العمل لإبقائنا على اطلاع دائم ومواكبة كل تطور وجديد. حيث أن استثمار الموارد البشرية والمادية في تنفيذه هو نفس استثمارها في مستقبل مؤسساتنا. كما أنه يشمل المسح وتحديد حركة التغيير والأحداث والمخاطر المتوقعة. وكذلك فإنه يتمحور حول تخيُّل المستقبل البديل، وبناء سيناريو محسّن ليناسب احتياجات الأعمال والمؤسسات.
تنظيم العمل الاستشرافي
هنالك بعض القواعد الأساسية لتنظيم عملك الاستشرافي، ومنها:
1. ركِّز على التطورات
يجب أن يستند العمل الاستشرافي على التركيز على التطورات في جميع مجالات ونشاطات الأعمال، وليس على الاتجاهات والمجالات الحالية.
2. امزجْ بين تتبع البيئة الخارجية وقِيَم المؤسسة
يجب أن يعتمد العمل الاستشرافي في النهاية على مزيج من تتبع البيئة الخارجية والقِيَم الخاصة بالمؤسسة. نادرا ما تحقق تقارير الاتجاه القياسي قيمة مباشرة. يجب أن تأخذ عملية قِيَم المؤسسة في الاعتبار عددًا من الخلفيات الخاصة بالمؤسسة التي لا يمكن للمرء أن يستمدها من تقارير الاتجاهات. باختصار، الرؤية الإستراتيجية الحقيقية لقادة المستقبل هي دائمًا مزيج من فهم التغييرات الخارجية والقدرات الداخلية والمحركات.
3. أشرِكْ الناس على نطاق واسع
يجب أن يشمل الأشخاص المشاركين في عمل المؤسسة الاستشرافي أفرادًا منفتحين من جميع مناحي الحياة، وأيضا بالتأكيد من خارج المؤسسة.
4. اربطْ الاستشراف مع اتخاذ القرار
يجب أن يغذي العمل الاستشرافي مباشرة استراتيجية المؤسسة وعملها اليومي، وأن يكون له حلقة ملاحظات مستمرة. حتى لو تحددت قِيَم واستراتيجيات المؤسسة على المدى الطويل، يجب ألا يتم ارتكاب خطأ التوقف عند هذا الحد. لا بد دائمًا من القيام باختبار افتراضات المؤسسة وتحديثها لمعرفة المزيد والحفاظ على المرونة.
إن تخصيص الساعات ورأس المال البشري في العمل الاستشرافي سيجعل المؤسسة أقرب إلى أهدافها، من خلال الإعداد لما يمكن أن يحدث. والأهم من ذلك، السماح للمؤسسة ومواردها بصنع المستقبل.
سيؤدي تنفيذ العمل الاستشرافي إلى إعداد المؤسسة للمستقبل، للمساعدة في تخطيط مسارها من خلال الكشف عن الأنماط والثغرات والفرص المخفية. من المهم ليس فقط دراسة الماضي ولكن الخوض في المستقبل، لتصبح المؤسسة رائدة وسبَّاقة.