الذكاء الاصطناعي يعزز قدرات المديرين والاستراتيجيين
سيؤدي الانتشار المتزايد للتقنيات المتقدمة إلى تحويل مصدر الميزة التنافسية من التكنولوجيا إلى القدرات الإدارية والاستراتيجية الأخرى. حيث أن ظهور التقنيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي الذي تغذيه البيانات الضخمة أحدث تحوُّلاً في العملاء والشركات. وكذلك أسفر عن العديد من الفرص الجديدة للشركات. والدافع وراء ذلك هو إمكانية فهم التغييرات في كيفية وصول المستهلكين إلى المنتجات أو الخدمات واستهلاكها، والتي خضعت لتغيير جذري. وبالتالي فإن الذكاء الاصطناعي يعزز قدرات المديرين والاستراتيجيين لتحقيق ذلك.
نظراً للتطورات والتغييرات المتسارعة وباستخدام الذكاء الاصطناعي، أصبح لدى المديرين القدرة على اكتساب رؤى أكثر وضوحاً ودقةً من خلال البيانات الضخمة المتاحة لهم. حيث يَعِدُ الذكاء الاصطناعي، الذي تغذيه البيانات الضخمة أيضاً، بإمكانية تحويل عملية صنع القرار من خلال توفير المزيد من الإمكانيات والقدرات للمديرين. علماً أنهم كانوا يعتمدون على الشعور الغريزي أو الاستدلال أثناء اتخاذ قرارات مهمة خلال إدارتهم لفرق عملهم. ومع ذلك على الرغم من هذه الفرص أشار العديد من الخبراء إلى أن عدداً كبيراً من التغييرات التكنولوجية والتحوُّل الذكي الأساسي ستزيد على الأرجح تركيز السوق. ويمكن تحقيق ذلك من خلال جعل عدد قليل من الشركات الكبرى تهيمن على الأسواق.
التعايش مع التحوُّل الذكي
عندما تصبح المعلومات هي المادة الضرورية والأساسية التي تربط العديد من الأسواق والمستهلكين. بالاضافة إلى أن أدوات تجميع المعلومات وتحليلها كالذكاء الاصطناعي أصبحت موجودة في كل مكان، فلا بد من طرح الأسئلة التالية:
- هل يواكب المديرون والقادة الاستراتيجيون هذه التطورات الحديثة؟
- كيف يمكن تفسير الانكماش الواضح للمنافسة عندما زادت فرص السعي وراء فرص جديدة؟
- ما هي مجموعة الاستراتيجيات الدقيقة التي ستمكّن الشركات من تحقيق ميزة تنافسية مستدامة؟
- ماذا يمكن أن يفعله الاستراتيجيون والمديرون لحماية شركاتهم؟
- ما الذي يجب على رواد الأعمال فعله لتصبح شركاتهم بارزة ومتميزة؟
- ربما الأهم من ذلك ما الذي يمكن للمديرين والاستراتيجيين فعله لحماية أعمالهم وشركاتهم ومنع أنفسهم من الانقراض؟
على سبيل المثال، بعض الشركات تستخدم الخوارزميات لتقييم الأهداف المحتملة للاستحواذ وهي وظيفة استراتيجيِّي الشركات. وكذلك بعض الشركات الاعلامية تستخدم التحليلات التنبؤية لتحديد أنواع البرامج التلفزيونية التي سيتم إنتاجها، وهي وظيفة مديري الانتاج. وقد تستمر شركات رأس المال الاستثماري في الحصول على الصفقات من خلال روابطها البشرية. لكنها تستخدم البيانات الضخمة والتحليلات المتطورة لتقييم فرص الاستثمار التي تُعدُّ واحدة من أهم القرارات التي يتخذها صاحب رأس المال الاستثماري.
القدرات الإدارية والميزة التنافسية
في النهاية، هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل المديرين؟. كيف ستؤثر هذه التطورات على المنافسة أو تركيز السوق؟. بالنظر إلى أن القدرة نادرة، يزداد احتمال كونها مصدراً للميزة التنافسية. فإن القادة الاستراتيجيين يعتقدون بأن الانتشار المتزايد للتكنولوجيا في كل مكان قد لا يتماشى بالضرورة مع حقيقة أن عدداً قليلاً من الشركات الكبرى تستحوذ على نصيب الأسد في السوق. في العديد من الصناعات، إذا كانت عملية صنع القرار الممكّنة بالتكنولوجيا أصبحت موجودة في كل مكان بالفعل، فلماذا تزيد من تركيز السوق؟
إلى الحد الذي لا تتعلق فيه التقنيات الجديدة بالأتمتة فقط، قد لا يضمن اعتماد هذه التقنيات في حد ذاته ميزة تنافسية. ومن المؤكد أنه لن يؤدي بأي حال من الأحوال إلى زيادة هيمنة عدد قليل من الشركات الكبرى. كما كان صحيحاً في العديد من الإنجازات التكنولوجية السابقة مثل الكهرباء أو الإنترنت. حيث قد تستغرق الشركة عدة عقود للاستفادة من الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة إلى أقصى إمكاناتها. لأنهم قد يحتاجون إلى تنظيم أنفسهم أو ابتكار نماذج أعمال جديدة للاستفادة منها معهم.
إلى الحد الذي تكون فيه نماذج الأعمال الجديدة والقدرات الإدارية الأخرى هي مفاتيح النجاح، فمن المعقول تماماً أن عدداً قليلاً فقط من الشركات الكبرى التي تمتلك هذه القدرات النادرة يمكنها بطريقةٍ ما إبراز قيمة هذه التقنيات الجديدة. وكذلك جني ثمار عالية بشكل غير متناسب عندما تتبنى هذه التقنيات الجديدة. وبالتالي، فإن ظهور هذه التقنيات الجديدة يمكن أن يزيد من نطاق المنافسة. وأيضاً تركيز السوق لعدد قليل من الشركات الكبرى والمتميزة التي تمتلك هذه القدرات الإدارية بطريقة أو بأخرى.
دور المديرين والاستراتيجيين
أولاً: إذا كان هناك أي شيء، فإن ظهور التقنيات الجديدة وانتشارها في كل مكان يجب أن يزيد من أهمية التفكير الاستراتيجي. وخاصة القدرة على ابتكار نماذج أعمال جديدة تزيد بشكل كبير من العائد إلى اعتماد مثل هذه التقنيات. بالنظر إلى أن المديرين والاستراتيجيين هم المبدعون والمنفذون لنماذج الأعمال الجديدة. فمن المرجح أن يصبح دورهم في ترسيخ التحوُّل الذكي للمؤسسات أكثر أهمية. ومن المفارقات أن الانتشار المتزايد للتقنيات والنُظُم المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي سوف يحوِّل مصدر الميزة التنافسية من التكنولوجيا إلى القدرات الإدارية والاستراتيجية الأخرى التي من شأنها زيادة العوائد من اعتمادها.
ثانياً: نظراً لأن هذه الأساليب الخوارزمية المعتمدة على البيانات في اتخاذ القرار تعتمد على قواعد صنع القرار لفعاليتها. فإن المديرين والاستراتيجيات سيحتاجون الآن إلى تطوير فهم أفضل لعلاقة السبب والنتيجة بين القرارات الإدارية والنتائج. المثير للدهشة، على الرغم من أن الكثيرين قد يعتقدون أن مجرد الارتباطات القوية قد تكون كافية، فإن الفهم الأعمق للآليات والشروط سيصبح أمراً مهماً للتوصل إلى قواعد قوية تستند إليها الخوارزميات في المقام الأول والتي يمكن أن تشكل الأساس للتعلُّم اللاحق .
فقط في حالة ما إذا كان أي منكم يتساءل عما إذا كانت درجة الماجستير في إدارة الأعمال الخاصة به لا تزال ذات قيمة. فمن المحتمل أن تكون أكثر قيمة في المستقبل!