إدارة الموارد البشريةإدارة المواهب

ممارسات استباقية وضرورية لإدارة المواهب

في عالمنا اليوم، التضخم وارتفاع تكلفة السلع والخدمات يشكلون تحدياً كبيراً يدفع الموظفين للبحث عن رواتب أعلى. ومما يزيد التحدِّي، أن عالم الأعمال قد تغيَّر بشكل جذري مما جعل من الصعوبة جذب المواهب والاحتفاظ بها. حيث أن المهارات تتغير بسرعة والتقنيات الرقمية لها تأثير عميق على طبيعة العمل. إضافةً لذلك، يتعامل متخصصو إدارة المواهب مع العديد من الفرص للاستثمار في الموظفين الذين يعتبرون أهم مورد للمنظمة. في ظل هذه الظروف، لم يعد من الممكن إنكار هذه التحديات. ومن الواضح أن هناك حاجة إلى ثورة في كيفية رؤية المنظمات للموظفين. لذا، يحتاج قادة الأعمال إلى الاعتراف بالحاجة إلى تحوُّل استراتيجي واسع النطاق والالتزام بتغييرات جريئة في ممارسات إدارة المواهب.

ممارسات ضرورية واستباقية لإدارة المواهب

1. ملاءمة المواهب مع احتياجات واستراتيجيات المنظمة

تتطلب إدارة المواهب الفعَّالة أن تعمل أهداف واستراتيجيات المنظمة على دفع جودة وكمية المواهب التي تحتاجها. علماً أن أفضل المنظمات هي التي تربط بين استراتيجيات إدارة التعاقب والاستراتيجيات التنظيمية. حيث أنها تمتلك قوة ملاءمة المواهب مع احتياجات واستراتيجيات المنظمة، وتعالج بشكل استباقي احتياجاتها من المواهب.

2. عمل إدارة الموارد البشرية والقيادة العليا كشركاء

يحتاج مديرو المواهب إلى امتلاك أجزاء من العملية والعمل كشركاء ومرشدين ومستشارين موثوقين عندما يحين وقت التحدث عن المواهب. وطالما كانت إدارة المواهب جزءًا أساسيًا من أي منظمة من خلال ربطها بنسيج وعمليات الوظائف الأساسية، يجب أن تعمل إدارة الموارد البشرية والقيادة العليا معًا. علماً أن أكثر المبادرات نجاحًا هي التي تقودها إدارة الموارد البشرية بدعم نشط ومتحمس من الرئيس التنفيذي وكبار القادة الآخرين الذين يوفرون الموارد والميزانية والتواصل والدعم اللازم للنجاح.

3. تطبيق نماذج الكفاءة المناسبة

تُظهر العديد من الدراسات أن المنظمات ذات الأداء المالي الأفضل لديها نماذج كفاءة محددة بوضوح. ومن المرجح أن تستخدم الكفاءات كأساس لإدارة التعاقب والتوظيف الخارجي والترقيات الداخلية. إضافةً لذلك تطبق باستمرار نماذج الكفاءة الخاصة بها في جميع أنحاء المنظمة، وأن كفاءاتها تتماشى بشكل كبير مع استراتيجيات الأعمال العامة.

4. اتباع نهج أكثر شمولاً لإدارة المواهب

تساوي العديد من المنظمات مفهوم إدارة المواهب مع إدارة تعاقب القيادة العليا. في حين أن تخطيط التعاقب مهم بشكل واضح، فإن إدارة المواهب يجب أن تشمل جزءًا أكبر بكثير من مجتمع الموظفين. حيث أن خلق القيمة لا يأتي من القيادة العليا وحدها. علماً أن قدرة المنظمة تعتمد على المنافسة على أداء جميع مواهبها الرئيسية وقدرتها على تطوير تلك المواهب وتعزيزها. وبالتالي يعد اتباع نهج أكثر شمولاً لإدارة المواهب أمرًا ضروريًا لإدارة التحولات المهنية بشكل استباقي. إضافةً لذلك لا تتطلب إدارة المواهب الفعالة تطوير الأشخاص لأدوارهم الحالية فحسب، بل تتطلب أيضًا إعدادهم للانتقال التالي.

5. توزيع موارد التطوير حسب الاحتياجات

ترتكب العديد من المنظمات خطأً بمحاولة توزيع موارد محدودة للتطوير بالتساوي بين الموظفين. علماً أنها تحقق أفضل العوائد عندما يتلقى الأفراد الواعدون تركيزًا مختلفًا عندما يتعلق الأمر بالإنفاق على التعلُّم والتطوير. وبالتالي يحصل على هذه الفوائد على حدٍ سواء، القادة ذوو الإمكانات العالية والأفراد الذين يخلقون قيمة لمنظماتهم.

6. مراعاة الاختلافات بين الإمكانات والأداء والاستعداد

تتفهم العديد من المنظمات فكرة وجود تجمع عالي الإمكانات أو مجموعة من الأشخاص الذين يتلقون مزيدًا من الاهتمام التنموي. لكن في بعض الأحيان، يفشلون في مراعاة الاختلافات بين الإمكانات والأداء والاستعداد. علماً أن القياس الممتاز الذي يجب مراعاته عند دراسة الاختلافات بين الإمكانات والاستعداد هو المسار الوظيفي المبكر.

7. التوظيف المناسب بدلاً من التطوير اللاحق

“إذا كان لديك دولار واحد فقط لتنفقه إما على تحسين طريقة تطوير الأشخاص أو تحسين عملية الاختيار والتوظيف، فاختر الأخير”. دوجلاس براي. لذا يجب على المنظمة إعطاء الأولوية العليا للاختيار بدلاً من التطوير، حيث  يعتبر التوظيف للحصول على المهارات المناسبة أكثر كفاءة من تطوير تلك المهارات. لأنه من المرجح أن يكلِّف تقييم تلك المهارات في وقت التوظيف أقل من تطويرها لاحقًا.

8. التركيز على “كيف” أكثر من “ماذا”

تمتلك المنظمات العديد من “الأشياء” المتعلقة بإدارة المواهب، بما في ذلك لوحات الموارد التنفيذية، ومنصات البرامج، والشبكات ذات تسعة مربعات التي تقارن الإمكانات بالأداء، وخطط التطوير، والتعليم، والمزيد من التدريب. هذه “الأشياء” لا تَعِدُ بشيءٍ من تلقاء نفسها. حيث تأتي الضمانات من “كيف” بدلاً من ذلك، والتي يتم التقاطها في عوامل الإدراك الخمسة لدينا للتنفيذ السليم:

  • الاتصال – يربط مبادرة إدارة المواهب بمحركات الأعمال، ويضع رؤية يمكن للمنظمة الالتفاف حولها، ويضع التوقعات لما سيحدث في المنظمة.
  • المساءلة – وضوح الدور بحيث يعرف كل فرد مسؤوليته في مبادرة إدارة المواهب ما هو متوقع منهم.
  • المهارة – تطوير المهارات الصحيحة وتوفير المدربين والموجهين للدعم.
  • المواءمة – يجب مواءمة مبادرات إدارة المواهب مع محركات الأعمال.
  • القياس – تتجاوز القياسات الأكثر فاعلية مجرد الإحصائيات لتحديد ما ينجح في إدارة المواهب، ولماذا تكون هذه المبادرات فعالة، وما هو تأثيرها على المنظمة.

9. المزيج القوي من الخبرة والتكنولوجيا لإدارة المواهب

في الواقع، لا يوجد برنامج محدَّد يمكن أن يوفر نظامًا كاملاً لإدارة المواهب. مع العلم أن هذه التقنيات والبرامج ذات قيمة في دعم خطة أو مبادرة، حيث أن البرامج والتقنيات الصحيحة تمهد الطريق لتنفيذ عمليات إدارة المواهب بشكل أكثر سلاسة وقد تحسن المنتج النهائي. لكن البرامج والتقنيات لا تعني شيئًا بدون الخبرة المناسبة والمكونات الصحيحة التي تقف وراءها. وبالتالي تتضمن إدارة المواهب الناجحة والفعَّالة مزيجًا قويًا من المحتوى والخبرة والتكنولوجيا.

هناك العديد من ممارسات إدارة المواهب، ولكن لا يوجد نموذج واضح. علماً أن الممارسات الاستباقية لإدارة المواهب تساعد المديرين في تحديد أولويات تطوير الموظفين والاحتفاظ بهم، حتى يتمكنوا من استخدام رأس مالهم البشري بشكلٍ فعَّال ومستدام.

اظهر المزيد

د عاطف عوض

د عاطف عوض أستاذ جامعي تخصص إدارة موارد بشرية. خبرة أكثر من 25 سنة في مجال العمل الأكاديمي والإداري. استشاري في تطوير السياسات واستراتيجية الموارد البشرية المبتكرة. وكذلك خبرة طويلة في تطوير الممارسات المستقبلية بما في ذلك استراتيجيات التطوير الوظيفي وإدارة المواهب وبرامج التطوير واستراتيجيات الإدماج. القدرة على توجيه المشاريع المعقدة من المفهوم والأفكار إلى حالة التشغيل الكامل. مدرب دولي معتمد في مجال تطوير وتنمية الموارد البشرية والتطوير التنظيمي.
زر الذهاب إلى الأعلى