إدارة الموارد البشريةالتعلُّم والتطويرالتكنولوجيا الذكيةمستقبلنا

التعلُّم والتطوير … الذكاء الاصطناعي ليس هو المستقبل … بل هو الحاضر!

التعلُّم والتطوير عملية منهجية لتعزيز وتطوير قدرات ومهارات الموظفين للحفاظ على قدراتهم التشغيلية وتحسين وتطوير مستويات التمكين والمشاركة والتحفيز. ولقد أصبح التعلُّم والتطوير في عصرنا الحالي أكثر تحدياً. فمن الضروري أن يتناسب مع اتجاهات إدارة الموارد البشرية المستقبلية المختلفة. على سبيل المثال، اعتماد التكنولوجيا الذكية، والتوجُّهات الاستراتيجية، واحتياجات الأداء، والضرورات التنافسية للمنظمات. وبالتالي، سيكون الذكاء الاصطناعي والتعلُّم والتطوير بحالة اندماج وتكامل في المستقبل. حيث يحتاج متخصصو الموارد البشرية في هذا المجال إلى تتبع كميات هائلة من المعلومات والبيانات باستخدام برامج الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي.

أهمية الذكاء الاصطناعي للتعلُّم والتطوير

يعد التعلُّم والتطوير أحد مجالات إدارة الموارد البشرية التي يمكن أن يحوِّلها الذكاء الاصطناعي بالكامل في المستقبل القريب. لذا يجب أن يكون متخصصو الموارد البشرية في مجال التعلُّم والتطوير على  معرفة ودراية كافية بالتحوُّل الرقمي والتكنولوجيا الذكية المتطوِّرة واستخدامها لتعزيز عمليات التعلُّم والتطوير. وبالتالي، يجب عليهم استكشاف وتنفيذ كل جديد في هذه التطبيقات للتعامل مع المعلومات والبيانات وتحليلها لتطوير استراتيجيات ورؤى تساعدهم على تطوير برامج تعلُّم فعَّالة.

إن أهم فائدة يمكن تحقيقها من دمج وتكامل الذكاء الاصطناعي والتعلُّم والتطوير هي مساعدة المتخصصين على إنشاء أساليب وتقنيات للتعلُّم والتطوير أكثر فعَّالية. لذلك، أقترح هنا بعضاً من الطرق حول كيفية قيام الذكاء الاصطناعي بتحويل التعلُّم والتطوير:

1) تخصيص مسارات التعلُّم والتطوير

يتيح الذكاء الاصطناعي لبرامج التعلُّم والتطوير التكيُّف مع احتياجات وتفضيلات كل موظف على حدة. وبالتالي ستكون عملية التعلُّم والتدريب أكثر فعّالية إذا تم الأخذ بالاعتبار تفضيلات الموظف للطريقة والكيفية التي يرغب في الحصول عليها. كما أن هناك فوائد من اعتماد تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تخصيص مسارات التعلُّم، ومنها:

  • تحقيق الأهداف التعليمية للموظفين بشكل أسرع ووقت أقل، حيث ينالون التعلُّم والتدريب بناءً على تفضيلاتهم وأهدافهم الشخصية.
  • تحليل بيانات كل موظف التي تتضمن أداءه وأهدافه، واقتراح برنامجًا تعليميًا خاصاً به مما يشجعه على المشاركة.
  • إنشاء نظام أساسي للتعلُّم حيث يتم تخزين جميع البيانات والبرامج والمواد والجداول بناءً على خبرة الموظف الشخصية وتفضيلاته وأهدافه وتتبُّعها وتسليمها.
  • عائد إيجابي على الاستثمار في التعلُّم والتطوير للمنظمة، لأنه يؤدي نتائج تعلّمية أفضل نتيجة سرعته واقترانه بالمشاركة الفعّالة للموظفين.

2) دمج التعلُّم والتطوير في العمل

في غالب الأحيان، معظم الموظفين يكونون غير راضين عن الجداول الزمنية للتعلُّم والتطوير الثابتة وغير المرنة، وتتعارض مع الجداول الزمنية الخاصة بهم. إضافة إلى عدم الرضى أيضاً عن محتوى وشكل المعلومات التي يتم تقديمها، لأنها لا تتلاءم وتفضيلاتهم وأدائهم وأهدافهم. 

لذلك أنظمة التعلُّم والتطوير التي يدعمها الذكاء الاصطناعي تعتبر الحل المناسب لهذه المشكلة. فهي توفِّر الوقت على الموظفين والمنظمة في آنٍ معاً، وتعزِّز مشاركتهم. حيث تتم عملية التعلُّم تلقائيًا بشكل مدمج في سير العمل اليومي. من خلال توفير برامج ومواد وجداول زمنية يتم تطويرها لكل موظف على حدة.

3) تعزيز العائد على الاستثمار

تنفق المنظمات أموالاً طائلة على برامج تعلُّم وتطوير الموظفين سنوياً. ولكن للأسف العائدات على الاستثمار من هذا الإنفاق لم تحقِّق الآمال المنشودة. ويعود السبب في ذلك إلى مجموعة من العوائق والمشاكل التي يمكن تفاديها باستخدام هذه البرامج التي يدعمها الذكاء الاصطناعي. فهو يعزز هذه البرامج ويطوِّرها من خلال أتمتة تحليلات وعمليات التعلُّم والتطوير التي توفر الوقت. وإضافة الطابع الشخصي عليها وتعزيز المشاركة والفعّالية. وبالتالي، ستكون النتيجة الطبيعية هي تحقيق العائد الايجابي على الاستثمار للمنظمات.

4) تحسين معدلات الإنجاز

وفقاً للعديد من الدراسات فإن أقل من 25 % فقط من الموظفين اليوم مستعدون لإنجاز برامج التعلُّم والتطوير الخاصة بهم. ومع ذلك، ستتحسن معدلات الإنجاز مع تقديم الذكاء الاصطناعي المحتوى التدريبي بتنسيق التعلُّم المفضَّل لدى الموظفين والذي يتبعه أساليب تحفيز معزَّزة.

باستخدام الذكاء الاصطناعي يمكن تحسين معدلات الإنجاز من خلال تطوير برنامج تعلُّمي على أساس التفضيلات الشخصية لكل موظف، وجعل دورة التعلُّم والتدريب قصيرة وجذابة. كذلك يُفضَّل استشارة متخصصين لإنشاء منصة تعليمية حيث سيتم أتمتة جميع العمليات.

5) إتاحة إمكانية التعلُّم والتطوير للجميع

تجعل تطبيقات الذكاء الاصطناعي برامج التعلُّم في متناول مجموعة كبيرة من الموظفين على اختلاف تنوعهم وقدراتهم كأصحاب الهمم. على سبيل المثال، تطبيقات الذكاء الإصطناعي يمكنها تقديم الترجمة التلقائية التي تساعد الأشخاص على الاستمتاع بمشاهدة مقاطع الفيديو بأكثر من 50 لغة. وكذلك بالنسبة للمكفوفين، يقدم الذكاء الاصطناعي البرامج والحلول التي تستخدم الشبكات العصبية لتمييز السياق وإنشاء نسخة نصية للصورة. وبالتالي، مع الذكاء الاصطناعي، سيطور الخبراء برامج تعلُّم وتطوير متاحة لأي موظف بغض النظر عن قدراته وإمكاناته الشخصية والمهنية.

6) قياس فعَّالية التعلُّم والتطوير

تستغرق عملية حساب متوسط ​​أداء عملية التعلُّم والتطوير وقتاً طويلاً. لذا بمجرد استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، يستطيع متخصصو الموارد البشرية إجرء تحليلات البيانات بسرعة، مما يمكِّنهم من الحصول على رؤى محدَّدة حول فعَّالية التعلُّم والتطوير. حيث تشير هذه الرؤى إلى تقدُّم الموظفين وتؤكِّد على الفجوات المعرفية لديهم، إن وجدت. ثم يقترح الذكاء الاصطناعي برنامج التعلُّم والتطوير المناسب لسد الثغرات المكشوفة وضمان فاعلية وضمان تحقيق أهداف التعلُّم والتطوير الأولية.

في الوقت الحاضر، تم مناقشة موضوع الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع على جميع مستويات منظمات الأعمال. حيث أن رأي وتوجُّه غالبية قادة ورواد الأعمال والاستشاريين والمحلِّلين أن الذكاء الاصطناعي هو المستقبل. ومع ذلك، إذا فكَّرنا جيداً ونظرنا بعمق إلى واقعنا اليوم، نرى أن الذكاء الاصطناعي ليس هو المستقبل … بل هو الحاضر!.

Show More

د عاطف عوض

د عاطف عوض أستاذ جامعي تخصص إدارة موارد بشرية. خبرة أكثر من 25 سنة في مجال العمل الأكاديمي والإداري. استشاري في تطوير السياسات واستراتيجية الموارد البشرية المبتكرة. وكذلك خبرة طويلة في تطوير الممارسات المستقبلية بما في ذلك استراتيجيات التطوير الوظيفي وإدارة المواهب وبرامج التطوير واستراتيجيات الإدماج. القدرة على توجيه المشاريع المعقدة من المفهوم والأفكار إلى حالة التشغيل الكامل. مدرب دولي معتمد في مجال تطوير وتنمية الموارد البشرية والتطوير التنظيمي.
Back to top button