كل عام تواجه إدارة الموارد البشرية تحدياتها الخاصة. على سبيل المثال المنافسة المتزايدة في إدارة المواهب والتغييرات والتطورات المتسارعة في الاقتصادات العالمية والتكنولوجيا والمعايير المستجدة في مجال استقطاب وتوظيف الموارد البشرية. وباعتبار أن الموظفين من أهم الموارد التي يمكن أن تمتلكها المنظمة، فإن إدارة الموارد البشرية مسؤولة عن بناء فريق موهوب من الموظفين الذين يعملون كأفراد وفرق عمل لصالح المنظمة. حيث يمكن تحقيق ذلك من خلال وضع خطة موارد بشرية فعَّالة تنسجم مع استراتيجيات وتوجهات المنظمة المستقبلية.
للاستمرار والتقدم ومواكبة التطور ومواجهة التغيير الذي ستواجهه المنظمة، يجب أن تعمل إدارة الموارد البشرية بشكل أكبر في تطوير استراتيجياتها التي ستساعد المنظمة على تحقيق استراتيجيات مستقبلية مستدامة، وتساهم في تحقيق أهدافها التنافسية.
خطة الموارد البشرية الفعَّالة تجعل الموظفين مستعدين للعمل والتنفيذ بناء على أهداف واستراتيجية المنظمة. كما تساعد قادة العمل على إعداد فريق العمل الحالي وتوقُّع الأشخاص الذين سيحتاجون إلى استقطابهم وتوظيفهم في المستقبل. إنها تهيئ العمل للاستعداد لدوران الموظفين، والمديرين لاتخاذ قرارات التوظيف المستقبلية بشكل أكثر استراتيجية. بالتالي يجب أن تتضمن خطة الموارد البشرية الفعّاَلة خطة تعاقب وظيفي، بحيث تُمكِّنُ المنظمة من الاحتفاظ بالموظفين ذوي الأداء العالي وتقليل الاضطرابات في العمل في حالة حدوث تغيير في الإدارة أو الهيكل.
فيما يلي خطوات مهمة لإعداد خطة موارد بشرية فعَّالة:
1. تقييم الموارد البشرية الحالية
الخطوة الأولى في التخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية هي تحديد كفاءات ومهارات وقدرات الموظفين الحاليين. حيث يتضمن ذلك تقييم نقاط قوتهم وضعفهم ومستويات تعليمهم وتدريبهم. علماً أنه يجب أيضاً التفكير في المهارات التي يمتلكونها بخلاف الوصف الوظيفي الحالي. علماً أن ملفات الموظفين يمكن أن تحتوي بالفعل على ثروة من المعلومات التي يحتاجها قادة العمل للمساعدة في معرفة ومتابعة قدراتهم ومهاراتهم. لذلك من المهم وجود نظام معلومات تفاعلي للتعرُّف وحفظ معلومات الموظفين وأرشفتها يمكن أن يجعل تتبُّع تطوُّر قدرات وخبرات الموظفين أسهل. في الوقت نفسه، سيشعر الموظفون بقيمة أكبر إذا شعروا بأن قادتهم ومدراءهم يتابعونهم ويسجِّلون نقاط قوتهم وتحفظها. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تساعد مراجعات الأداء في تحديد متى يكون الموظفون مستعدين وقادرين على تحمل مسؤوليات إضافية. عندما يحقق الموظفون مستوى عالي في أدائهم باستمرار في جميع الفئات، فهذا مؤشر جيد على أنهم مستعدين للقيام ببعض الأعمال الأكثر صعوبة.
2. إعداد خطط تطوير الموظفين
إن وجود موظفين مؤهلين هو خطوة واحدة فقط عند بناء موارد بشرية فعَّالة طويلة الأجل. وحتى يكون هناك تأثير حقيقي، يحتاج عمل الموظفين إلى دعم أهداف نمو المنظمة. علماً أنه يمكن القيام بذلك عن طريق وضع خطة تطوير الموظفين. علماً أن هذه الخطة ستساعد في إنشاء اتجاه واضح حول كيفية زيادة مهاراتهم والتقدم في حياتهم المهنية حتى تتمكن المنظمة من الاستمرار والتقدم.
كقائد عمل ناجح عليك اتِّباع الخطوات التالية للمساعدة في التأكُّد من أن خطط تطوير موظفيك تسير بالشكل الصحيح:
- ضع في اعتبارك أهداف المنظمة: قبل أن تحدد أهدافاً للموظفين، يجب أن تحاول مواءمة خطة التطوير الخاصة بهم مع احتياجات المنظمة.
- تحدَّثْ إلى موظفيك: لا تفترض فقط أنك تعرف مستويات مهارات موظفيك وتطلعاتهم المهنية. بل تواصل وتحدث معهم لتحقيق ذلك.
- حدِّدْ المهارات التي يحتاجها موظفوك: بمجرد إلقاء نظرة على قدرات وخبرات كل موظف من موظفيك، بالإضافة إلى احتياجات المنظمة، حدِّدْ بالضبط المهارات التي يحتاجها كل شخص لاكتسابها.
- ضعْ خطة عمل: بمجرد أن تعرف ما هي الأهداف، يمكنك معرفة كيف سيقوم موظفوك بتحقيقها.
- طبِّقْ المهارات الجديدة في مكان العمل: قم بإعداد بعض الفرص حيث يمكن لموظفيك تطبيق المهارات الجديدة بسرعة على الوظيفة والحصول على التعليقات.
من المهم ألا تهمل الموظفين في المنظمة، بل عليك الاهتمام بهم، لا سيما الموظفين ذوي الأداء العالي والمتميِّز. حيث يتوفر الكثير من المجالات للتحسين والتطوير المستمر. علماً أن موظفيك بغض النظر عن مستوى أدائهم يحتاجون منك اهتماماً يركز على التطوير. كذلك أيضاً تأكَّد من أن خطط تطوير الموظفين لديك لها دلالة إيجابية في المنظمة، وأنه لا يُنظر إليها كشكل من أشكال الإجراءات التصحيحية، من خلال تقديمها كفرصة لزيادة الإمكانات والنمو والتحسن في كل مكان.
3. إعداد خطة التعاقب الوظيفي
مع نمو الأعمال وتطور المنظمة، حتماً سيأتي التغيير. سواء كان ذلك تغييراً في الفريق التنفيذي أو إعادة تنظيم الأقسام، كقائد استراتيجي يجب أن تكون مستعداً. يمكن أن تساعد خطة التعاقب الوظيفي على تقليل الاضطراب عن طريق تحديد الأدوار الحاسمة في العمل والموظفين الذين لديهم المهارات لتولي هذه المناصب على الفور، في حالة مغادرة شخص ما. إضافةً لذلك من الأهمية إشراك الموظفين مباشرة في إعداد خطة التعاقب الوظيفي. علماً أن هذا يتطلب التواصل مع جميع المواظفين لمعرفة أهدافهم المهنية، وأين يرون أنفسهم في المستقبل، وما هو التطوير الذي يشعرون أنهم بحاجة إليه من أجل تحقيق ذلك. بالتالي، كقائد عمل ناجح يجب أن تكون دائماً على استعداد لإبقاء الموظفين على اطلاع فعلي ومستمر بالتغييرات وشرح كيف يمكن للتغيير أن يؤثر عليهم. علماً أن الشفافية تُخفِّف من القلق وتمنع الموظفين من تخيُّل الأسباب السلبية للتغييرات.
4. إجراء تحليل الفجوات
يساعد تحليل الفجوات في تحديد الموارد التي تمتلكها المنظمة وما ستحتاج إليه في المستقبل. عند إجراء تحليل الفجوات يجب تقييم ممارسات الموارد البشرية والبنية التحتية للمنظمة لتحديد ما هي نقاط القوة ونقاط الضعف في المنظمة. لذلك عند إجراء تحليل الفجوات، يجب أخذ الأمور التالية بالاعتبار:
- توصيفات الوظائف: هل تتوافق مع التوقعات الحالية عن الموظفين وتوضيح جميع المهارات والمتطلبات اللازمة؟
- دليل الموظف: هل تمت مراجعته و / أو تحديثه في العامين الماضيين؟ يجب التحقُّق لمعرفة ما إذا كانت سياسات المنظمة لا تزال متوافقة مع المتغيرات والتطورات الاقتصادية والقانونية.
- برامج التدريب: هل يتم إعداد الموظفين لأدوارهم بطريقة منظمة لا تزال منطقية وفقاً لاحتياجات العمل؟
- الصحة والسلامة: هل تم تقديم ما هو مطلوب بموجب القوانين المرعية الاجراء في الرعاية الصحية والسلامة المهنية بينما تتم تلبية احتياجات الموظفين؟
- أداء الأعمال: إذا كانت الإيرادات آخذة في الارتفاع، فقد يكون من المنطقي زيادة المساهمات في المزايا والخدمات للموظفين، والتي ستضيف قيمة إلى حزمة المكافآت الإجمالية للمنظمة. إذا انخفضت الإيرادات، فيجب التفكير في تقليص بعض هذه الفوائد للمساعدة في استقرار العمل.
5. تحديد كيفية زيادة الموارد للمستقبل
كما تنمو المنظمة، وكذلك احتياجات التوظيف لها للعثور على أفضل الأشخاص للوظيفة ونشاط المنظمة، يجب معرفة ما يتم البحث عنه من خلال مراجعة المعلومات التي تم جمعها عن الموارد البشرية الحالية في المنظمة. ومن ثم يجب طرح التساؤلات التالية: هل هناك ما يكفي من الموارد البشرية؟ هل لديهم المهارات والقدرات المناسبة للمساعدة في تحقيق أهداف المنظمة؟. علماً أن هذه المعلومات يمكن أن تساعد في تحديد الوظائف التي يجب شغلها ومن سيكون الأنسب. من هنا، يمكنك تحديد ما إذا كان بالإمكان الترقية والتوظيف من الداخل أم هناك حاجة إلى توظيف مواهب جديدة مع نمو المنظمة. في نهاية المطاف، كقائد عمل ناجح ومتميِّز عليك النظر إلى تحديات التوظيف المحتملة. فيما يلي بعض المشاكل الأكثر شيوعاً التي قد تجعل من الصعب عليك تعيين موظفين جدد:
- حزمة المكافآت الإجمالية الحالية لا تلبي توقعات المرشحين المثاليين.
- التغييرات أو التحولات التكنولوجية القادمة داخل الاقتصاد تجعل من الصعب توظيف مواهب عالية الجودة.
- ثقافة المنظمة ضعيفة، وهذا يشكل نقطة تحول كبيرة بالنسبة للمرشحين المؤهلين تأهيلاً عالياً الذين يمكن أن يختاروا مكان عملهم.
يمكن أن تساعدك معرفة هذه الأشياء في تجنب العوائق قبل أن تصبح مشكلة. لذا حاول حل المشكلات المحتملة قبل تعيين موظف جديد، وتأكد من أن بيئة العمل في المنظمة مناسبة لجذب أفضل المواهب والاحتفاظ بها.
تذكَّر! تخطيط الموارد البشرية عملية مستمرة. يجب مراجعة استراتيجيتك بانتظام وتحديثها مع التطوُّرات والتغييرات في المنظمة.