تؤكد العديد من الدراسات أهمية ربط استراتيجية العمل بممارسات الموارد البشرية داخل المنظمة. يمكن القول أن مجموعة الموارد البشرية والمواهب في المنظمة هي من أكثر الأصول قيمة. وبالتالي، ستكسب المنظمة ميزة تنافسية قوية، من خلال العلاقة الواضحة والقوية التي تربط بين ممارسات الموارد البشرية والخطة الاستراتيجية للمنظمة.
يتمثل أحد المكونات الرئيسية للعلاقة بين ممارسات الموارد البشرية والخطة الاستراتيجية، في ثقافة التواصل الفعّال والثقة داخل المنظمة. عندما يتم تشجيع الموظفين على المشاركة في جوانب مختلفة من استراتيجية العمل، فإن هذا يؤدي إلى تطوير مستويات أعلى من الثقة والاحترام والتقدير بين الموظفين وفريق القيادة العليا. هذه الثقة مبنية على تبادل المعرفة الذي يسمح للموظفين بالمشاركة في رؤية وأهداف المنظمة. وبالتالي فإن الخطة الاستراتيجية الصحيحة تساعد على الاحتفاظ بالمواهب وتطوير الموظفين ذوي الكفاءة العالية. وعليه يتطلب الأمر قيادةً والتزامًا قويين للحفاظ باستمرار على العلاقة بين ممارسات الموارد البشرية والخطة الاستراتيجية.
الخطة الاستراتيجية
الخطة الاستراتيجية للمنظمة هي وثيقة تستخدم لتحديد الأولويات، وتركيز الطاقات والقدرات، وتكوين الموارد، وتقوية العمليات، والتأكد من أن الموظفين وأصحاب المصلحة الآخرين يعملون لتحقيق أهداف مشتركة. كذلك فهي تسلط الضوء على النتائج الاستراتيجية المرجوة، وتحدد الأهداف الاستراتيجية والمبادرات وكذلك الإجراءات التي سيتم تنفيذها لتحقيق الأهداف. كما توضح مؤشرات الأداء الرئيسية لقياس فعالية الخطة وأداء المنظمة. ومن ناحية أخرى، إن الخطة الاستراتيجية تعزز القيادة الاستراتيجية والتخطيط الإستراتيجي لضمان أن عمليات المنظمة تتماشى مع الأهداف. وبالتالي فهي تعكس الأهداف والرؤية التي تطمح المنظمة إلى تحقيقها خلال فترة زمنية معينة.
دور ممارسات الموارد البشرية في إعداد الخطة الاستراتيجية
تهدف الخطة الاستراتيجية إلى معرفة سبب وجود المنظمة في مجال الأعمال والأهداف طويلة المدى التي تريد تحقيقها باستخدام مواردها المتاحة. علماً أن الموارد البشرية أحد هذه الموارد، لذلك هناك صلة مباشرة بين ممارسات الموارد البشرية والخطة الاستراتيجية – لا يمكن لأحدهما أن يتواجد بدون الآخر.
كذلك يمكن لممارسات الموارد البشرية مساعدة المجموعات الأخرى في المنظمة على تحديد وتوضيح مهمتهم وأهدافهم وتكتيكاتهم طويلة المدى لتحقيق هذه الأهداف. على عكس المستشار الخارجي، فإن ممارسات الموارد البشرية جزءًا لا يتجزأ من المنظمة.
إن القيادة الادارية الفعّالة لن تكتسب ثقة واحترام ممارسات الموارد البشرية فقط من خلال تعلُّم الأعمال. ولكن بالمساعدة على توضيح أهداف استراتيجية طويلة المدى وصياغة خطة لتحقيق هذه الأهداف. والتي بدورها ستوفر قيمة لما يهتمون به أكثر من غيرهم. لذلك ممارسات الموارد البشرية تزيد تأثيرها وفعاليتها من خلال التعرف على أعمال صاحب العمل.
العلاقة بين ممارسات الموارد البشرية والخطة الاستراتيجية
إن العلاقة بين ممارسات الموارد البشرية والخطة الاستراتيجية هي تكامليّة وتكافليّة. فهما مرتبطان ببعضهما ارتباطاً وثيقاً ويعتمد كل منهما على الآخر. فيما يلي بعض أنواع هذه العلاقة:
1. تقييمات الأثر
عندما يبدأ القادة في تطوير خطة استراتيجية، سيقومون بالتنسيق مع رؤساء الأقسام المختلفة لمعرفة كيف يمكن أن تؤثر استراتيجيات العمل المقترحة عليهم. ستحدد ممارسات الموارد البشرية الأثر المالي للمبادرة بناءً على استراتيجيات التوظيف والتدريب والاحتفاظ التي قد تكون ضرورية لدعم الخطة.
2. تنفيذ الخطة
بمجرد أن تتلقى أي مبادرة استراتيجية القبول، سيكون لممارسات الموارد البشرية دور رئيسي في تهيئة موظفي المنظمة للتغييرات التي يمكن أن تحدث. على سبيل المثال، قد يشمل ذلك تغيير التوصيفات الوظيفية للأفراد، ونقل الأشخاص بين وحدات العمل، وصنع السياسات، واستراتيجيات التحفيز، وتطوير برامج التعلُّم والتدريب، وتحديد النقص في القوى العاملة.
3. التغذية الراجعة والمراقبة
بمجرد تنفيذ المبادرة الاستراتيجية، ستؤدي ممارسات الموارد البشرية الرقابية إلى تحديد ما إذا كانت السياسات كافية ومعقولة التكلفة ومستدامة لتتلاءم مع التغييرات التي يتم إجراؤها على القوى العاملة. نظرًا لأن الخطة الاستراتيجية هي خطة طويلة الأجل، فمن الأهمية بمكان أن تستمر المنظمة في مراقبة خط مواهبها ومواردها البشرية، ومواصلة تحديث توقعات الطلب الخاصة بها، للتأكد من أن المنظمة لديها دائمًا الأشخاص المناسبين لتحقيق أهدافها.
لسوء الحظ، في كثير من الأحيان، تعاني ممارسات الموارد البشرية أثناء تنفيذ ما يتعلق بهم في الخطة الاستراتيجية بسبب ارتكابهم أخطاء أثناء إعدادها. ومن هذه الأخطاء ما يلي:
1) عدم قبول القيادة
تعتبر مجموعات التركيز مع القادة أو المحادثات الفردية معهم حول النظام والعمليات الحالية مهمة في تحديد ما إذا كانت الأفكار المقترحة ستلقى قبولًا أم لا. لذلك من الضروري أن يتم قبول النظام الجديد أو النظام المحدَّث من قبل القيادة لإنجاح الخطة الاستراتيجية وتنفيذها.
2) عدم إظهار القيمة
تلعب ممارسات الموارد البشرية دورًا مؤثرًا في المنظمات، بدءًا من التعبير عن القيم وإنفاذها إلى اختيار قادة العمل المستقبليين، وإلى إبقاء الموظفين. فإن عدم إظهار القيمة والتأثير الذي تحدثه داخل المنظمة هو أحد الأخطاء التي لا يمكن التغاضي عنها أثناء تنفيذ الخطة.
3) التركيز على المخرجات
غالبًا ما تركز ممارسات الموارد البشرية على المخرجات أكثر من التركيز على مسار العمليات. مما يؤدي إلى عدم أي إجراءات تصحيحية إن وجدت.
4) البحث عن أفضل الممارسات
الإفراط في البحث والاعتماد على الأساليب والمقاييس التي تعمل مع المنظمات الأخرى التي قد تكون في مراحل مختلفة من التطور ولها احتياجات مختلفة. بل على العكس من ذلك، يجب دائمًا أن تكون عملية إعداد الخطة الاستراتيجية مستمدة بشكل فريد من استراتيجية واحتياجات المنظمة ذاتها.
5) عدم بالمشاركة
يجب أن تؤدي ممارسات الموارد البشرية إلى الشراكة الحقيقية من خلال تعرُّفهم على الصناعة والتحديات الخاصة بالمنظمة. كما أنهم يجب أن يتمتعوا بالرشاقة التنظيمية الكافية ليكونوا مفيدين ومشاركين بفعّالية أثناء إعداد الخطة الاستراتيجية.
6) عدم الاندماج
يجب على ممارسات الموارد البشرية الاندماج الفعلي في المنظمة من خلال قنوات متعددة. وبالتالي اندماجهم الفعّال ومشاركتهم، يمكِّنهم من التعبير عن نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات في المنظمة بدقة في كل قسم.
أهمية العمل الجماعي القوي والتعاون بين مختلف أصحاب المصلحة على المستويات العليا داخل المنظمة أمر بالغ الأهمية لنجاح أي استراتيجية. عندما يتمكن القادة من إثبات رغبتهم في المشاركة في استراتيجية العمل المشتركة وممارسات الموارد البشرية في منظمتهم ومشاركة ذلك بشكل علني مع فرقهم، يمكن أن يكون ذلك أداة قوية وديناميكية للغاية في اكتساب ميزة تنافسية.