نجاح المنظمات وتقدمها هو نتيجة العمل الجاد والتخطيط الدقيق. ولكي تحقِّق المنظمات أهدافها تحتاج إلى استراتيجية تنظيمية قوية. ولكن، حتى أفضل خطة استراتيجية للمنظمة لن تكون فعَّالة إذا لم تكن خطة الموارد البشرية متوافقة معها. حيث تعد خطة الموارد البشرية الفعَّالة أداة لمساعدة المنظمات على مواءمة أهدافها التنظيمية مع قدرات الموارد البشرية لديها. لذلك يجب أن يكون لكل منظمة خطة موارد بشرية واضحة لدعم استراتيجياتها في النمو والتطوُّر وتحقيقها ميزة تنافسية.
بالنظر إلى التقلبات والانعطافات التي حدثت خلال سنوات جائحة كورونا، يجب أن يتعلَّم قادة الأعمال درساً منها لبدء رسم مسار جديد للمستقبل. وبالتالي، يجب إعادة تقييم نهج إدارة الموارد البشرية من خلال ايجاد استراتيجية قوية تشكِّل مفتاحاً مهماً لإنشاء خطة موارد بشرية فعَّالة تساعد المنظمة في تحقيق أهدافها واستراتيجياتها للسنوات القادمة.
التحول من التقليدي إلى الاستراتيجي
عند الانتقال من الأداء الإداري التقليدي إلى دور أكثر إستراتيجية في المنظمة، يتم النظر إلى خطة الموارد البشرية بشكل متزايد على أنها عامل قوي في نجاح المنظمة. وبالتالي سينتقل تركيز إدارة الموارد البشرية في المنظمة من أسلوب العمل التقليدي إلى الاستراتيجي. حيث يشمل مسؤولية أكبر عن خبرة الموظف ورفاهيته، وثقافة المنظمة، وقيادة ذكية عاطفياً، والتنوع والمساواة، والاستشراف القائم على البيانات.
بعبارة أخرى، مع تطور مناخات الأعمال ولوائحها باستمرار، تتطور معها ممارسات الموارد البشرية أيضًا. كما أنه على قادة الأعمال المستقبليين أن يفكروا في إنشاء خطة الموارد البشرية الفعَّالة التي تستشرف المستقبل وتحقق رؤية المنظمة. كقائد أعمال متميِّز ومدير مستقبلي، أثناء إعداد خطة الموارد البشرية، عليك أن تسأل مجموعة من الأسئلة الاستراتيجية المهمة ومناقشتها مع متخصصي الموارد البشرية لديك:
السؤال الأول: كيف يمكن الاستفادة من تحليلات الموارد البشرية لجعل المنظمة أكثر استباقية؟
أصبحت تحليلات الموارد البشرية جزءًا رئيسيًا من الدور الاستراتيجي للموارد البشرية في المنظمات. القادة الاستباقيون هم الذين يركزون على رؤية الموارد البشرية المستندة إلى البيانات، ويتخذون الإجراءات والقرارات، وسيكونون متقدمين على منافسيهم في المستقبل.
كقائد استراتيجي، عليك تعزيز وتطبيق تحليلات الموارد البشرية بموضوعية ودمجها في خطة الموارد البشرية. مما يؤدي إلى ربط النتائج باستراتيجية المنظمة للحصول على رؤية وتوقعات مستقبلية واضحة للمنظمة.
السؤال الثاني: كيف سيتغير مفهوم التوظيف في المنظمة؟
في خِضمّ التغيرات والأزمات التي يتعرض لها عالم الأعمال اليوم، مثل أزمة كورونا، فقد تغيرت أساليب العمل حيث حصل العديد من العوامل والتحولات في مواقع عمل الموظفين من داخل المكتب إلى العمل الافتراضي عن بعد. أو ربما يكون هناك توازن جديد بين النوعين. تتضمن الأسئلة ذات الصلة التي يجب طرحها ما يلي:
- كيف تتوقع أن تستمر هذه العوامل في التطوُّر؟
- إذا تعامل منافسيك مع الأمور بشكل مختلف، فهل ستتبع ذلك؟
- أي جزء من تجربة عميلك وموظفك يجب أن تتمسك به بحزم؟
- كيف يمكنك التأكد من ثقة موظفيك في بيئة العمل التي توفرها؟
السؤال الثالث: كيفية اكتشاف آراء وتوقعات الموظفين المتطورة والتجاوب معها؟
المنظمات التي تقدر آراء موظفيها وتخلق ثقافة من الاصغاء المستمر لهم سيكون لها أيضًا ميزة في المستقبل. علماً أن آراء وملاحظات الموظفين يمكن أن تكون أداة إستراتيجية تحويلية، طالما أن القادة يدعمون الثقة من خلال الاستجابة للتعليقات بشفافية وسرعة قدر الإمكان. تتضمن الأسئلة ذات الصلة التي يجب طرحها ما يلي:
- كيف يمكنك تحسين طرق استطلاع آراء وملاحظات الموظفين حاليًا؟
- ما هي الأهداف الإستراتيجية التي يمكنك تحقيقها من خلال الاستفادة من آراء وملاحظات الموظفين؟
- كيف ستضمن أن يعرف موظفوك أنك تقدِّر آراءهم وأفكارهم وتوقعاتهم؟
السؤال الرابع: كيفية جعل التكيُّف مع اللوائح التنظيمية الجديدة مرناً وسلسًا للموظفين؟
كقائد عمل ناجح، يجب عليك إعطاء الأولوية لإجراء أي تغييرات بأكبر قدر ممكن من المرونة والسلاسة لموظفيك. علماً أن ذلك سيساعد المديرين والموظفين لاستيعاب التغييرات والتأقلم مع السياسات أو الإجراءات الجديدة. تتضمن الأسئلة ذات الصلة التي يجب طرحها ما يلي:
- كيف يمكن لفريق القيادة تحسين طريقة تلقي التحديثات التنظيمية الهامة ومعالجتها وإبلاغها داخليًا؟
- كيف سيؤثر إجراء هذه التغييرات على المديرين والموظفين؟
السؤال الخامس: ما هي تأثيرات ثقافة المنظمة في المستقبل؟
وسط بيئة العمل المتغيرة، عليك كقائد مع فريق الموارد البشرية تشكيل ثقافة منظمتك الجديدة والمتطورة بشكل استباقي. على وجه التحديد، قد تحتاج إلى خطة محدَّثة لكيفية إدخال ثقافة وقيم المنظمة في ممارسات الموارد البشرية وتوظيف وتأهيل وتدريب جديدة. تتضمن الأسئلة ذات الصلة التي يجب طرحها ما يلي:
- كيف ستُحقق ما هو الأكثر أهمية للمنظمة؟
- كيف يمكنك تشجيع الموظفين على إدخال هذه الثقافة والقيم في تفاعلاتهم داخل وخارج مكان العمل؟
السؤال السادس: كيفية تعزيز المعرفة المؤسسية؟
المواهب هي أحد الركائز الأساسية للمعرفة المؤسسية، ولا بد من وضع الخطط المناسبة للاحتفاظ بها في المستقبل. كقائد يستشرف المستقبل، عليك تحديد متى تكون فيه المنظمة أكثر عرضة لاستنزاف المعرفة المؤسسية المعروف أيضًا باسم “هجرة العقول” في المستقبل. على سبيل المثال، هل لديك عدد كبير من الموظفين الدائمين الذين يمكنهم التقاعد من وظائفهم في نفس الوقت تقريبًا؟ هل تتوقع تحليلات الموارد البشرية لديك حدث دوران كبير آخر بسبب عوامل أخرى. على سبيل المثال، الرغبة في العمل عن بُعد، وفرص العمل مع المنافسين؟. كمنظمة، من خلال ممارسات الموارد البشرية، هناك خطوات يمكن اتخاذها الآن لتحسين وضعها المستقبلي. منها:
- تطوير ومناقشة خطة التعاقب الوظيفي مع فريق القيادة والتأكد من تحديد قادة المستقبل بوضوح.
- إنشاء عمليات داخلية للحصول بانتظام على المعرفة المؤسسية.
- الحفاظ على مشاركة الموظفين الحاليين بشكل أكبر في فرص التطوير الشخصي والمهني.
- استكشاف اتجاهات الموارد البشرية المستقبلية.
يعد تطوير خطة الموارد البشرية الشاملة استثمارًا أساسيًا في مساعدة منظمتك على تحقيق أهدافها. حيث تعمل على مواءمة مهمة المنظمة مع خطة العمل. مما يضمن أن لديك القدرة على تنفيذ الإستراتيجية أثناء متابعة أهداف منظمتك.