إن تمكين الموظفين يؤدي الى رؤية مختلفة لارتقائهم الوظيفي. ويعزز قدراتهم الابداعية التي تسهم في نجاهم وتقدمهم على الصعيدين المهني والشخصي. تمكين الموظفين هو فلسفة عطاء مزيد من المسؤوليات وسلطة اتخاذ القرار بدرجة أكبر للأفراد في المستويات الدنيا للقيام بمسؤوليات أكبر وسلطة من خلال التدريب والثقة والدعم العاطفي. من هنا تظهر أهمية الدور الملقى على عاتق قادة الأعمال. في حين أن مهمتهم تحتاج إلى مواصفات استثنائية، قوامها التحدي والصبر والمثابرة.
“نفتش عن قادةٍ يحرِّكون الجبال.. ويقودون التغيير.. ويصنعون المستقبل.. همَّتهم في السماء.. وطموحاتهم معانقة النجوم”
سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم
لا بد من تعزيز الشغف والطموح
تواجه منظمات الأعمال تحديًا كبيراً وهو كيفية توظيف أفضل المواهب والاحتفاظ بها. في حين تؤكد البيانات والدراسات الحديثة أن أعداد كبيرة وقياسية من العاملين يتركون وظائفهم، لأن شغفهم وطموحهم يتخطّى الراتب. فهم يسعون إلى تعزيز وتطبيق مهاراتهم ومواهبهم في مهمة يؤمنون بها ومنظمة تدعم تطورهم الشخصي والمهني. لذا فإن تدرج الموظفين في السلَّم الوظيفي في حد ذاته ليس كافياً إذا لم يحقق لهم شغفهم وطموحهم فيما يتعلق بمهاراتهم ومواهبهم. لذلك يجب عليك كقائد عمل ناجح إنشاء مهمة ورؤية مقنعة وقِيَم تساعد فريقك على تحقيق ذاتهم والتقدم والانجاز. وكذلك أيضاً عليك توفير الأدوات التي تسمح لموظفيك بالتطور والنمو في حياتهم المهنية والشخصية.
في وقتنا اليوم يتطلب اقتصاد الابتكار الإبداعي نهجًا مختلفًا للموارد البشرية وإدارة المواهب والقيادة. وعليه يجب على قادة الأعمال اليوم توفير الأدوات للموظفين لاكتساب الوعي الذاتي. والذي يتضمن اكتشاف نقاط القوة وقدرة الموظفين على تعيين أهدافهم ومؤشرات الأداء الرئيسية لنقاط القوة والعمل الذي ينشطهم ويحفزهم ليقودوا التغيير ويصنعون المستقبل.
تمكين الموظفين أولوية وحاجة
عندما يعرف الموظفون ما يحبون القيام به ويتماشى مع ما تحتاجه المنظمة. فإن المستفيد الأساسي هو المنظمة والعمل من حيث المشاركة، والمعنويات، والاحتفاظ، والأداء المتميّز للاستمرار في النمو وخدمة العملاء.
لا يمكن للموظفين أن يكونوا تقليديين واتباع النص فقط. فالمطلوب منهم أن يكونوا صانعي التغيير ويتحدون الوضع الراهن ويحققون مستويات عالية من الأداء والإبداع في وظائفهم. وهذا لن يأتي من الموظفين الذين لا يهتمون بمهمة ورؤية المنظمة، أو ليس لديهم أي شغف بالعمل وغير مرتبطين بنقاط قوتهم. علماً أن هذا الأمر يتطلب الموظفين الذين يقدمون أفضل ما لديهم لوظائفهم، ولديهم مصلحة شخصية في رؤية مشاريعهم تنجح، وأن يبذلوا كل ما في وسعهم لتحقيق ذلك. ويتماشى المسار الوظيفي والمهنة التي يسعون وراءها بعمق مع من هم وما يهتمون به وعواطفهم ونقاط قوتهم.
كقادة أعمال، إذا قدّمنا الدعم والتمكين للموظفين في رحلتهم ليحققوا ذاتهم ويصبحوا أفضل، فإن هؤلاء الموظفين سيحققون أداءً جيدًا وعالي المستوى. في الواقع، نحتاج جميعًا إلى التعلم والنمو والتطور لنحقق ذاتنا ونصبح أفضل إذا أردنا البقاء في المنافسة. نحن بحاجة إلى تبني تعاطفنا وإنسانيتنا إذا كنا سنحصل على أنواع العلاقات الإيجابية والثقة المطلوبة لنا للعمل معًا كفريق عالي الأداء. لتحقيق ذلك، وعلى سبيل المثال وليس الحصر، أقترح بعض الإجراءات والخطوات التالية:
1) تدريب المدراء
إن تدريب المدير المستقبلي هو المفتاح لقيادة عملية تمكين الموظفين في المنظمات. لذا عليك كقائد أعمال ناجح تشجيع المدير في منظمتك على العمل كمدرب. واتباع هذا النموذج مع فريق العمل من خلال التوجه إليهم بالعبارات التالية: “وظيفتي هنا هي تحقيق النتائج، والطريقة التي سأفعل بها ذلك هي التأكد من أنكم مستعدون للدخول بسرعة إلى مجموعة مهاراتكم ونموكم… اعلموا أنني أؤيدكم، لكنكم ستكونون دائماً تحت المساءلة والمتابعة الإدارية أيضًا “.
2) اختيار أدوات التواصل الفعّال المناسبة
يجب أن تسهل وسائل وأدوات التواصل المستخدمة المحادثات الصحيحة وتساعد على بناء الثقة والسلامة النفسية. كما يجب على هذه الوسائل والأدوات أن تساعد في تدريب كل من المهارات الصعبة والناعمة. ويجب أن توفر أيضًا الفرصة للمدير والموظف للتعرف على بعضهما البعض من خلال الاكتشافات المشتركة لبدء تلك العلاقة وكيفية العمل معًا كفريق بشكل فعال.
3) استخدام الأسئلة
كمدير وقائد، يمكنك استخدام الأسئلة لمساعدة موظفيك على التفكير الذاتي. لذا اطلب من الموظفين جرد كل الأشياء التي يقومون بها في أسبوع. ثم الإجابة عن هذه الأسئلة: “ما هي الأشياء التي تمنحك الطاقة؟” “ما هي الأشياء التي تستنزف طاقتك؟“. علماً أن إجاباتهم هي أدلة مهمة لتحديد المكان الذي يجب أن يقضوا فيه المزيد من الوقت. أو أين يجب أن يفوضوا المهام، أو متى يجب عليهم تغيير دورهم.
4) تشجيع التفكير بالذات
لن يرغب كل موظف في التفكير بذاته. لذلك من المهم تشجيع هذه العملية، لا سيما كجزء من مراجعة أدائه. وأنت كقائد ومدير مستقبلي يجب عليك أن تؤكد على أن النتيجة توفر فوائد طويلة الأجل للمسار الوظيفي للموظف ونمو المنظمة.
قد يغادر موظف أو اثنان منظمتك لأنهم يدركون أنهم يسيرون في المسار الخطأ، أو ببساطة لن تكون هناك فرص داخلية تتماشى مع نقاط قوتهم وتطور أفضل ما لديهم. علماً أن المغادرة لهذه الأسباب تعتبر جيدة للمنظمة. ربما لا يكون الموظف الذي لا يتماشى مع وظيفته هو صاحب الأداء الأفضل في هذا الدور.
يخلق نهج تمكين الموظفين بيئة إبداعية ومنتجة حيث يكون هناك ربح حقيقي بين أصحاب العمل والموظفين. يستفيد أصحاب العمل من الأداء العالي والولاء، ويشعر الموظفون بتحقيق إمكاناتهم، ومعرفة المزيد عن نقاط قوتهم، ويشعرون بسعادة جعل عملهم يتماشى مع نقاط القوة هذه. الفائدة الإضافية هي أنك كقائد مستقبلي تصنع ثقافة يكون فيها الناس متحمسين للتواجد هناك ويقومون بأشياء عظيمة معًا.