الاستشراف يساعد على الانتقال من موقف التغيير التفاعلي إلى التحوُّل الاستباقي

تميل الصفات القيادية إلى أن تكون صالحةً لكل زمان ومكان. لهذا السبب ننظرُ إلى الوراء عبر التاريخ إلى الأشخاص المتميِّزين الذين قادوا الأعمال الناجحة والحكومات والمبادرات الاجتماعية. يذهب بنا التفكير إلى أنه إذا امتلكنا مهارة  الاستشراف وتمكِّننا من محاكاة هؤلاء الروَّاد، فسنكون قادةً ناجحين أيضاً.

عبر التاريخ، لم يشهد العالم أبداً التقلبات والتعقيدات والتحولات التي نشهدها اليوم. حيث استغرقت الخطوات التكنولوجية الأولى عشرات بل مئات السنين لتظهر. بينما في وقتنا الحالي تحدث التغييرات والتحولات التكنولوجية والنموذجية في غضون بضع سنوات فقط، بل بعضها أحياناً لا يتجاوز السنة الواحدة. كما يجب أن نلحظ أن التطورات المتسارعة بشكل كبير وحجم التغيير لا يقتصران على التكنولوجيا فقط. على سبيل المثال، التحولات غير المسبوقة في الصناعات التكنولوجيَّة المتقدمة، والتعليم وطرقه وأساليبه، وتغيُّر المناخ والبيئة، والعديد من المجالات الأخرى تعمل على تغيير مشهد الأعمال والحياة اليومية في كل منطقة من العالم.

“قائد اليوم، لديه متطلبات واحتياجات لفهم طبيعة وتأثير التغيير أكبر وأكثر من الروّاد السابقين الذين تركوا بصماتهم في التاريخ”

إذا رجعنا للبحوث والدراسات عن أهم المهارات القيادية، سنجد العديد من الصفات الرائعة والمثبتة، مثال الصدق والتفويض والتعاون والتعاطف والإلهام والثقة وغيرها المزيد. ومع ذلك، فقد تمت هذه الدراسات والبحوث ونتائجها في وقت كانت فيه الحكومات والصناعات والمنظمات والمجتمعات والأفراد أكثر اتساقاً. فإذا نظرنا من نواحٍ عديدة، ليس لقائد اليوم سابقة أو معيار للمهارات التي ستساعده على النجاح بسبب ما يشهده عالمنا اليوم من تطورات وتغييرات تختلف إلى حدٍ كبير عمّا كانت في السابق.

مع التقلبات والتغييرات التي تؤثر على كل جانب من جوانب الحياة والمنظمات، فمن الواضح أنه يجب علينا معالجة هذه الجوانب في القرن الحادي والعشرين. وبالتالي فإن “الاستشراف” يعتبر أهم مهارة قيادية، حيث هي القدرة على الإدارة الفعالة والتسخير والاستفادة من التغيير المستمر من حولنا. إضافة لذلك فإن الاستشراف هو “القدرة على إنشاء رؤية مستقبلية عالية الجودة ومتماسكة وعملية والحفاظ عليها، واستخدام الأفكار الناشئة بطرق تنظيمية مفيدة“. بمعنى آخر، الاستشراف هو طريقة لفحص والتحقق من المسارات التي قد يسلكها المستقبل، باستخدام المقاييس النوعية والكمية، ثم استخدام الرؤى المكتسبة من هذا التحليل للتنقل في عالمنا غير المؤكد والمتغير.

الاستشراف، كفن وعلم المستقبل، يعتبر مهماَ وضرورياً لقادة اليوم، حيث أنه أصبح مهارةً ضرورية، يُمكِّنهم من قراءة الإشارات ورؤية الاتجاهات واختبار الافتراضات والتعامل معها بمهنية عالية وأداء متميِّز.  

النجاح في القرن الحادي والعشرين يعني أن تكون متكيِّفاً وتحولياً باستمرار. لذا فإن الاستشراف يساعدنا على الانتقال من موقف التغيير التفاعلي إلى التحوُّل الإستباقي. لأنه يوضِّح لنا إلى أين تتجه المنظمات، وكيف يمكننا الوصول بها بنجاح إلى برِّ الأمان وتحقيق أهدافها واستراتيجياتها.

فيما يلي طرق يمكننا من خلالها البدء في تعلُّم مهارة “الاستشراف“:

1. استفسرْ وتحقَقْ من افتراضاتك ومواقفك

2. اكتشفْ الأفكار والابتكارات

بصفتك قائداً متميِّزاً، فأنت تبحث بالفعل عن الأخبار والمعلومات التي قد تؤثر على عملك، لكن هذا لا يكفي:

3. كُنْ استباقياً

الخطوة الطبيعية التالية للتعرُّف واستطلاع المجالات الأخرى وزيادة الثقافة في غير مجالك هي استخدام خيالك:

إذا كنت تخشى أن تَدَعْ عقلك يسرحُ بخياله وتأمُّلاته، فلن تَجِدَ لك مكاناً أبداً في الصدارة

Exit mobile version