في الواقع، يعتمد إنشاء منظمة الأداء المتميِّز أولاً على العثور على الأشخاص المناسبين وتوظيفهم، ثم رعاية هؤلاء الأشخاص وتطويرهم ومكافأتهم ليكونوا مبدعين وذوي أداء متميِّز. لذلك أصبح تلبية اعتبارات المواهب المستقبلية مصدر قلق كبير بين المنظمات. نظرًا لأن اعتبارات المواهب أصبحت جزءًا مهمًا من اهتمامات منظمات الأداء المتميِّز فقد بدأت في إجراء تغييرات هيكلية في معالجة قضايا إدارة موظفيها. إضافةً لذلك، بشكل متزايد، أصبحت الموارد البشرية شريكًا أساسيًا في ضمان تلبية المنظمات لمؤشرات الأداء والأهداف طويلة المدى. فهي تجعل إدارة المواهب مكونًا رئيسيًا في إنشاء وصيانة منظمة متميِّزة الأداء، حتى في الأوقات الصعبة. بمعنى آخر إن دور إدارة الموارد البشرية يتمثل بإدارة رأس المال البشري لخلق ثقافة منظمة الأداء المنميِّز.
كيف تقود إدارة الموارد البشرية الأداء المتميِّز
نمو الإيرادات على أساس سنوي، والابتكار المستمر للمنتجات، والتوسع المستمر كلها سمات مميزة لمنظمات الأداء المتميِّز. ولتحقيق هذه النتائج، استثمرت المنظمات المتميزة في إمكانات موظفيها. علماً أن منظمات الأداء المتميِّز من حيث صلتها بموظفيها هي تلك المنظمات التي لديها إستراتيجية واضحة للأفراد، وتستثمر في تنفيذها. إليك كيف يمكن لإدارة الموارد البشرية أن تعزِّز الأداء المتميِّز في المنظمات:
1. مواءمة أهداف الموظفين وأولويات المنظمة
في الواقع، يرتفع أداء الموظفين بنسبة كبيرة عندما تتواءم أهداف الموظفين وأولويات المنظمة. لذلك تحدد منظمات الأداء المتميِّز الأهداف، وتعمل على مواءمة تلك الأهداف مع القوى العاملة لديها. بالإضافة لذلك تربط الفرق والمديرين والأفراد بشكل واضح بنتائج محددة ستؤدي إلى نمو الأعمال ونجاحها. علاوةً على ذلك، إن دور استراتيجية الموارد البشرية في تطوير المواءمة بعيد المدى، فهو يساعد في تأسيس مهمة المنظمة للتميُّز في الأداء من خلال ضمان حصولها على أفضل المواهب للوظيفة. وعندما تتوافق استراتيجية الموارد البشرية مع أهداف العمل، ستكون القوة العاملة أكثر تحفيزًا وإنتاجية أفضل وربحية أكبر. ولضمان المواءمة، يلعب قادة الموارد البشرية وبرامجها دورًا مهمًا آخر من خلال إعطاء الأولوية للشفافية والمساعدة في توصيل الأهداف والتوقعات وتعريفات الأداء المتميِّز.
2. بناء ثقافة المساءلة في المنظمة
إذا أرادت المنظمات تحقيق أهدافها والحفاظ على مشاركة الموظفين، فيجب عليهم إنشاء ثقافة المساءلة في مكان العمل. فإذا لم تكن المساءلة جزءًا من ثقافة المنظمة، فستواجه صعوبة في أداء الموظف ومشاركته. من ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي الافتقار إلى المساءلة إلى منع المنظمات والأفراد من الوصول إلى إمكاناتهم الكاملة وتحقيق الأداء المتميِّز. علاوةً على ذلك، يمكن أن يتمتع الموظفون بالمهارات المطلوبة للوصول إلى الأهداف الطموحة للمنظمة، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنهم سيحققونها. هذا هو السبب في أن المساءلة أمر بالغ الأهمية حيث تضمن أن النتائج والمخرجات يتم تقييمها باستمرار. بالتالي تعد برامج إدارة الموارد البشرية الفعالة حاسمة في بناء ثقافة المساءلة، لأنها من خلال تحديد توقعات واضحة وتقديم ملاحظات منتظمة، يمكنها خلق بيئة يكون فيها الجميع مسؤولين عن النتائج.
3. زيادة مشاركة الموظفين من خلال بناء الثقة
ترتبط مشاركة الموظفين ارتباطًا مباشرًا بالأداء المتميِّز، بما في ذلك الأداء المالي الأفضل وبيئة العمل الأكثر إنتاجية. لتعزيز المشاركة فعلاً، يجب على المنظمات ألا تستمع فقط. بل يحتاجون أيضًا إلى إنشاء خطط عمل لمعالجة المشكلات التي تظهرت في المحادثات والاستطلاعات. عندما تستمع المنظمات إلى الموظفين وتتخذ الإجراء المناسب، فإنها ستنشئ شيئًا آخر مهمًا للمشاركة، ألا وهو الثقة. لذلك تلعب برامج إدارة الموارد البشرية دورًا أساسيًا في زيادة مشاركة الموظفين من خلال بناء الثقة مع الفرق في منظمتهم. في نهاية المطاف، الطريقة التي تعامل بها المنظمة الموظفين وكيف يتعامل الموظفون مع بعضهم البعض يمكن أن تؤثر بشكل إيجابي على أفعالهم، أو يمكن أن تعرض المنظمة للخطر.
4. القدرة على التكيف داخل المنظمة وخارجها
تعد القدرة على التكيف مع التغيير مهارة أساسية يجب امتلاكها في مكان العمل اليوم. ومع ذلك، فإن القدرة على التكيُّف داخل المنظمة وخارجها يمكن أن يساعد في تجاوز حالة عدم اليقين بسهولة أكبر. قد لا تعرف المنظمة ما سيحدث في المستقبل، لكن يمكن الوثوق بقدرات موظفيها على التعامل معه. لذلك إن عدم القدرة على التكيُّف يؤدي إلى المخاطرة بإفشال العمل وإحباط الموظفين. بالتالي ستكون المخاطرة هي بفقدان الأداء أو ربما لا توقُّف نمو المنظمة وعدم قدرتها على الاستمرار والبقاء.
تلعب برامج إدارة الموارد البشرية دورًا محوريًا في بناء تلك القوة العاملة ذات القدرة على التكيُّف. حيث يمكنهم إنشاء سياسات وإجراءات لتحديد الأهداف، واستخدام البيانات من حلول إدارة المواهب لتوجيه عملية صنع القرار، وتطوير برامج التعلُّم والتطوير، حتى يتمكن الموظفون من تحسين المهارات وإعادة المهارات حسب الحاجة. في نهاية المطاف تحقيق الأداء المتميِّز الذي يساعد المنظمة على التقدم والازدهار.
تمكين الموارد البشرية يقود المنظمات لمواجهة التحديات
من خلال تمكين الموارد البشرية والأدوات اللازمة للعمل على المبادرات، ستكون المنظمات مستعدة لمواجهة التحديات التي تنتظرها. يمكن لقادة الموارد البشرية ضمان فهم الموظفين لكيفية توافق عملهم مع قيم المنظمة ورسالتها الشاملة، ويتم قياس أداء الموظفين، وتظل القوى العاملة منخرطة ومحفزة؛ والمنظمة في وضع جيد لمواجهة أي اضطراب.
عندما تتوافق إدارة الموارد البشرية مع أهداف العمل، سترى قوة عاملة أكثر تحفيزًا وإنتاجية أفضل وربحية أكبر.