يعتبر الأداء البشري القوة المحركة لكافة الموارد المتاحة الموجودة داخل أي منظمة. فالاستثمار في العنصر البشري من خلال التدريب يؤدي إلى تحسين الأداء العام للمنظمة ويعمل على تأهيلها لتحقيق ميزة تنافسية مستدامة تمكِّنها من تحقيق الريادة. وبالتالي زيادة الحصة السوقية للمنظمة ودعم قدرتها التنافسية في الأسواق المحلية أو الدولية. علاوة على ذلك، يصعب قياس وتقييم العنصر البشري نظراً للاختلاف الذي يتسم به هذا العنصر من فرد لآخر ومن منظمة لأخرى وأيضاً من وقت لآخر. ولقد أبرز تطور العمل القيمة الإستراتيجية للتعلُّم والتطوير، مما أدَّى الى أهمية قياس عائد الاستثمار في التدريب بالنسبة للمنظمات. لذا يجب على قادة التعلُّم والتطوير إظهار دورهم في الابتكار الاستراتيجي وتوضيح كيفية دعمهم لأهداف العمل في سوق تنافسية.
إن قياس عائد الاستثمار في التدريب هو احتساب أي فائدة تترتب على عقد أي برنامج تدريبي. ومع ذلك، يجب أن تعبِّر عمليَّة حساب العائد عن ناتج دقيق يمثل قيمة واقعيَّة وحقيقيَّة تنشأ من مقارنة قيمتين مُحدَّدتين حسب المعادلة الآتية: (نسبة العائد إلى التكلفة = عائد التدريب – تكلفة التدريب). ويُعَدُّ القياس والتقويم من العمليات الضروريَّة لبناء ثقافة تنظيمية تقوم على مخرجات التدريب. علماً أنه يتعذَّر على المنظمات تحديد العائد الحقيقي للتدريب من دون استخدام أدوات تقويم فعَّالة وبذل جهود كبيرة فى هذه العمليَّة.
كيفية قياس عائد الاستثمار في التدريب
غالبًا ما يُقاس نجاح التعلُّم والتطوير من خلال إكمال الدورة التدريبية أو ملاحظات المتدربين، حيث يتم تسجيلها بالقيمة الاسمية فقط. ولكن مع تزايد الدور الاستراتيجي للتعلُّم والتطوير والفرص لاعتماد المزيد من مقاييس المشاركة القابلة للقياس الكمي. فإن التغذية الراجعة وحدها غير كافية لقياس عائد الاستثمار في التدريب. فيما يلي بعض الطرق الكمية والنوعية لقياس عائد الاستثمار في التدريب:
1. حدِّدْ برامج تدريبية تدعم الأهداف والمؤشرات التنظيمية
كقائد التعلُّم والتطوير عليك التواصل الفعال مع الوحدات والأقسام لتحديد الأهداف التنظيمية ومؤشرات الأداء الرئيسية المستهدفة. وبعد ذلك تخصيص البرامج التدريبية التي تلبي وتلائم هذه الأهداف والمؤشرات. علماً أن وضع مقاييس ومؤشرات واضحة تتيح قياس عائد الاستثمار في أي برنامج تدريبي. وكذلك أيضاً يمكن قياس النمو والتطور الذي يظهر من خلال أداء الموظفين بعد التدريب. وبالتالي، فإن تحديد برامج تدريبية تدعم الأهداف والمؤشرات التتنظيمية تساعد في اثبات وقياس عائد الاستثمار في التدريب.
2. اربطْ التدريب مع مؤشرات الأداء
لتحقيق الأهداف المرجوة من التدريب لا بد من استكشاف الفجوات في مهارات ومعرفة الموظفين للعمل على سدها ومعالجتها. مع العلم أن مؤشرات الأداء الرئيسية للموظفين ومقاييس الأداء الأخرى المدرجة في تقييمات الموظفين تعتبر من الأدوات المناسبة والمهمة لاستكشاف هذه الفجوات. وبالتالي، يمكن تخصيص البرامج التدريبية، من خلال ربطها مع تقييمات الموظفين ومؤشرات الأداء، بحث تلبي الاحتياجات وتعالج هذه الفجوات في المهارات والمعرفة لدى الموظفين. مما يؤدي بالتأكيد إلى القدرة على تحديد فعالية البرامج التدريبية المخصصة وقياس عائد الاستثمار فيها.
3. أنشىءْ قنوات اتصال فعَّالة لتحديد رضا الموظفين والاحتفاظ بهم
إن إحدى المهام الرئيسية التي يعمل عليها قسم التعلُّم والتطوير هي تحديد وقياس رضا الموظفين، الذي يعتبر مقياساً نوعياً ولا يقل أهمية عن قياس عائد الاستثمار في التدريب. مع العلم أن أحد الأهداف الرئيسية للموظفين هو تحديد واغتنام فرص التطوير الوظيفي، التي تؤدي بدورها الى البقاء والاستمرار في العمل.
فضلاً عن ذلك تتمتع إدارة التعلُّم والتطوير بموقع فريد للتأثير على رضا الموظفين ومساعدة المنظمات على الاحتفاظ بأفضل المواهب وكلاهما مقياسان مقنعان لإثبات عائد الاستثمار في التدريب. وبالتالي، لتحقيق ذلك، كمدير مستقبلي وناجح عليك إنشاء قنوات اتصال واضحة وفعَّالة مع مديري الأفراد والتعرُّف على استطلاعات رضا الموظفين وموارد التطوير الوظيفي الأكثر طلباً. لأنه من خلال تعزيز وتخصيص التدريب للتطوير الوظيفي، لن تقوم فقط بالاحتفاظ بعدد أكبر من الموظفين ولكن ستجذب مرشحين ذوي جودة أعلى وهي أولوية في السوق التنافسي اليوم.
4. أدرسْ التأثير لمطابقة التدريب مع النتائج
تعتبر دراسة التأثير مثالية لمطابقة التدريب مع النتائج من البداية. يُعد نموذج كيركباتريك من الإطارات الشائعة الاستخدام لقياس التأثير، والذي يقيس رد الفعل والتعلُّم والسلوك والنتائج. ومع ذلك، قد يكون من الصعب قياس هذه الفئات بشكل ملموس.
5. بادرْ وطوِّرْ معادلة العائد والتكلفة في التدريب
العديد من قيادات المنظمات تعتبر التعلُّم والتطوير مركز تكلفة وانفاق دون عائد. وكقائد استراتيجي عليك العمل على تغيير وجهة النظر هذه من خلال إثبات الفوائد والقيمة المضافة التي يقدمها التدريب للمنظمة. لأن هناك دائمًا قيمة في الابتكار المستمر لتخفيض التكاليف مع الحفاظ على الجودة. علماً أنه في عصرنا الحالي، تعتبر أكثر الطرق فعالية لخفض تكاليف التعلُّم والتطوير هو اعتماد التدريب المخصَّص عند الطلب.
على سبيل المثال، فإن التدريب المباشر الحضوري يستنفذ ما يصل إلى 85 ٪ من تكلفة التدريب. كما أن بيئات العمل الهجينة والنائية المتزايدة تجعل الطريقة التقليدية للتدريب المباشر الحضوري شبه مستحيل. ناهيك عن تكلفة الانتقال والإنتاجية للموظفين المشاركين وابتعادهم مؤقتاً عن مهامهم ومكان عملهم خلال فترات التدريب. لذا بادربإعادة النظر في ميزانية التدريب واكتشف أين يمكنك تخفيض التكاليف دون التأثير على الجودة أو التنفيذ.
تحويل التدريب من مركز التكلفة إلى مركز الإيرادات
كمدير مستقبلي عليك مساعدة المنظمة على التعرف على دورها في خفض التكاليف وتوليد الإيرادات. باستخدام هذه الاستراتيجيات الخمس النوعية والكمية، يمكنك إظهار القيمة المضافة للتدريب وتطوير صورة شاملة للتأثير لتحقيق عائد الاستثمار بدقة وفعالية.