على غرار كيفية امتلاك أجهزة الكمبيوتر للبرامج وأنظمة التشغيل، نحن، كبشر نمتلك برامج وأنظمة تشغيل خاصة بنا، وإن كانت مختلفة قليلاً. علماً أن برامجنا تتكون من أفكارنا وعواطفنا ومشاعرنا، بينما تتكون أنظمة التشغيل لدينا من علاقاتنا بانفسنا وبالآخرين. مثلما تحتاج أجهزة الكمبيوتر إلى ترقية أنظمة التشغيل الخاصة بها من وقت لآخر، كذلك أنظمة التشغيل الخاصة بنا تحتاج إلى تطوير وترقية. وبالتالي، فإن الممارسة الفعَّالة للتركيز واليقظة الذهنية هي إحدى طرق ترقية أنظمة التشغيل لدينا. حيث تساعدنا في تطوير وتعزيز مهارات الذكاء العاطفي من خلال القدرة على تدريب العقل على الانخراط بطرق أكثر صبرًا وتنبيهًا وإنتاجية.
التركيز الذهني
التركيز الذهني عبارة عن عملية صعبة إلى حدٍ ما. فهي تعني توجيه العقل والانتباه لمتابعة ما يقال أو يجري حولنا لفترة زمنية محددة دون تشتت والتي تختلف من شخص إلى آخر، ومن موقف إلى آخر. وذلك بسبب وجود العديد من العوامل التي تؤدي إلى التشتت والمحيطة بنا سواءً كانت عوامل بيئية أو من المحيطين بنا. كذلك فإن التركيز الذهني هو أعلى درجات الانتباه، فهو قدرتنا على تجاهل جميع الأمور التي من شأنها أن تشتت أفكارنا. وبالنتيجة التركيز الذهني ما هو إلاّ توجيه الذهن إلى موضوع واحد للنظر إليه من جميع الجوانب وحصر التفكير فيه، وتحليله بشكل كامل إلى حين الوصول إلى الحل.
اليقظة الذهنية
اليقظة الذهنية تعني الحفاظ على الوعي لحظة بلحظة بأفكارنا ومشاعرنا وأحاسيسنا الجسدية والبيئة المحيطة. كذلك هي أيضاً الوعي الذي ينشأ من خلال التركيز والانتباه، عن قصد، في اللحظة الحالية، وبدون إصدار أحكام. يمكن أن تساعدنا اليقظة على تجنب العادات والاستجابات المدمرة أو التلقائية من خلال تعلُّم ملاحظة أفكارنا وعواطفنا وتجاربنا في الوقت الحاضر دون الحكم عليها أو الرد عليها. علاوةً على ذلك، تمنحنا اليقظة مزيدًا من الحرية في اختيار استجاباتنا العاطفية للموقف بدلاً من الرد بشكل انعكاسي. لأنها تعزز التنظيم العاطفي، فهي تساعد على تقليل مشاعر الاندفاع من خلال توسيع الفجوة بين ما يحدث لنا وما نفعله به.
العلاقة بين الذكاء العاطفي والتركيز واليقظة الذهنية
يمكن تعزيز النجاح في العمل والوفاء في الحياة عندما نطوِّر مهاراتنا في الذكاء العاطفي، ونستفيد منه بتوجيه كلامنا وأفعالنا. إضافةً لذلك الذكاء العاطفي هو مزيج من بعض السمات، ولكنه يكون مؤثرًا فقط عندما يغذي قادة الأعمال تلك السمات للنجاح التنظيمي والشخصي. علاوةً على ذلك، فإن الممارسة الفعَّالة للتركيز واليقظة الذهنية تساعد القادة في تطوير وتعزيز مهارات الذكاء العاطفي من خلال القدرة على تدريب العقل على الانخراط بطرق أكثر صبرًا وتنبيهًا وإنتاجية. وبالتالي، التركيز واليقظة الذهنية هي مكتسبة. حيث يحتاج القادة إلى قضاء بعض الوقت في اكتسابها ولا يمكنهم الحفاظ عليها إلا من خلال الممارسة الملتزمة. بالنسبة للعديد من القادة، قد يكون التركيز واليقظة الذهنية مجرد مرحلة أو إجراء تفاعلي لموقف معين. لكن بالنسبة لقائد استراتيجي، فهو أسلوب حياة مهنيًا وشخصيًا.
طرق التركيز واليقظة الذهنية
كمدير غالباً ما تعاني من التوتر والإرهاق، حيث يتم استهلاك طاقتك الذاتية. مما يؤدي إلى تراجع إنتاجيتك وقدرتك على التركيز، فضلاً عن استنزاف الصحة الشخصية والشعور بالسعادة. هناك طرق تساعدك على تحسين وجعل التركيز واليقظة الذهنية أكثر فاعلية:
- اختر مكانًا هادئًا وابحث عن الوقت الذي من غير المحتمل أن يتم فيه مقاطعتك وعيّنه على أنه وقت اليقظة الذهنية.
- التوازن مفهوم خيالي متحوِّل لذا ينبغي عليك التركيز على الانتظام الذي يتيح ترتيب الأولويات في العمل وفي المجتمع ومع الأسرة .
- خطواتك الروتينية عناصر غاية في الخصوصية، لذا قاوم إغراء مقارنة حلولك المثلى بحلول الآخرين.
- قد تنفرد عن غيرك في خواص مثل الحيوية أو التواصل أو الطاقة الانتاجية. لذلك امنح نفسك مكافآت على إنجازاتك وخصص لها وقتاً للراحة في ذروة انشغالك .
- الوقت الوحيد الذي يمكنك العيش فيه هو الحاضر، لذلك يجب أن يكون ما تركز عليه. توقف عن التفكير في الماضي أو المستقبل وركز فقط على مكانك الحالي.
- ربما تحتاج لتحديد البدائل في مخطط خاص وسيكون لديك الوقت لإحداث التغيير الشامل. لذلك ابدأ بالمهمات التي يسهل عليك تنفيذها وتحدث تغييراً فورياً .
- الممارسات المتميزة تقاس بنتائجها، والتعميم شكل من أشكال إخفاء النواقص فابتعد عنه .
- الخطوات البطيئة والمستمرة هي أفضل الخطى. تذكر استراتيجية التصنيع اليابانية القائمة على التطور المستمر بخطى تدريجية والتي أحدثت ثورة صناعية في العالم.
- عندما تلاحظ شرود ذهنك، أعد تركيزك ولا تحكم على نفسك بسبب هذه الأفكار، أو على حقيقة أن عقلك يشرد، ولكن فقط عد إلى اللحظة الحالية.
- قد تتقن عشر مهارات لتنفيذ مهامك اليومية، لكن تذكر دائماً أن تركز على اثنتين منها فهذا يقود إلى النجاح مع الاحتفاظ بعنصر التحفيز .
الممارسة الفعَّالة للتركيز واليقظة الذهنية في مجالات الذكاء العاطفي
إن ممارسة التركيز واليقظة الذهنية في حياتك ومهنتك تساعدك على التطور في جميع مجالات الذكاء العاطفي، حيث تؤدي إلى:
- تطوير العديد من الصفات القيادية مثل القدرة على مراقبة أفكارنا ومشاعرنا التي تعتبر المفتاح لتطوير الوعي الذاتي. مما يساعدك على التواصل والعمل بشكل أفضل مع الآخرين.
- جعلك أكثر ذكاءً من الناحية العاطفية للتواصل، حيث يساهم في زيادة فضول العالم من حولك. على وجه التحديد، اهتمام أكبر بالتعرف على الأشخاص الذين تلتقي بهم والتحدث معهم.
- زيادة التعاطف ويجعله فعَّال للمساعدة في تسهيل التواصل الواضح والمفتوح، مما يساعدك على تطوير روابط أقوى مع موظفيك.
- تطوير مهاراتك في الذكاء العاطفي، حيث يساعدك في فهم نفسك بشكل أفضل، مما يسهِّل عليك فهم الآخرين أيضًا.
التركيز واليقظة الذهنية هما حالتان من الاهتمام النشط والانفتاح على الحاضر. وكذلك هما من المهارات التي تحتاج إلى ممارسة منتظمة لتكون أكثر فعَّالية. إضافة لذلك تعتبران فعَّالتين لترقية أنظمة التشغيل الخاصة بنا لأنهما تزيدان من من ذكائنا العاطفي. وبالتالي هناك علاقة إيجابية بين التركيز واليقظة الذهنية والذكاء العاطفي. كمدير مستقبلي عليك العمل بجدية على تحسين التركيز واليقظة الذهنية لديك اللذان سيطوِّران حتماً مهاراتك في الذكاء العاطفي، مما يساعدك على التفوُّق في المستقبل!