في الواقع، الكثير من منظمات الأعمال تنظر إلى الذكاء العاطفي على أنه فقط كفاءة أو مهارة فردية. في حين أن لمفهوم الذكاء العاطفي تأثير حقيقي في فرق العمل التي تشكل واقع العمل في أغلب المنظمات اليوم. وعليه، الذكاء العاطفي الفردي له نظير جماعي، وهو بنفس الأهمية لفعّالية فرق العمل. حيث يمكن للفِرق تطوير ذكاء عاطفي أكبر وبالتالي تعزيز أدائها. وإذا كان لدى المديرين حاجة ملحَّة اليوم، فهي إيجاد فِرق العمل الذكية عاطفياً التي تعمل بشكل أكثر إبداعاً وفعَّالية وإنتاجية.
لماذا يجب بناء فرق عمل ذكية عاطفياً
لا أحد يجادل في أهمية جعل الفرق تعمل بشكل أكثر فعالية. لكن معظم التركيز كان على تحديد عمليات المهام التي تميِّز الفِرق الأكثر نجاحًا. أي تحديد الحاجة إلى التعاون والمشاركة والالتزام بالأهداف وما إلى ذلك. فإن المصدر الحقيقي لنجاح الفريق يكمن في الظروف الأساسية التي تسمح بظهور عمليات مهمة فعَّالة التي تجعل الأعضاء يشاركون فيها بكل إخلاص.
لكي يكون الفريق أكثر فاعلية، يحتاج إلى إنشاء معايير ذكية عاطفياً، والتي تتمثل بالمواقف والسلوكيات التي تتحول في النهاية إلى عادات تدعم هذه المواقف والسلوكيات لبناء الثقة بين أعضاء الفريق، والشعور بهوية الفريق وفعاليته، مما يؤدي إلى المشاركة الكاملة في المهام.
مستويات التفاعل العاطفي في الفريق
إن الفريق الذي يضم ضمن أعضائه بعض الأذكياء عاطفيًا لا يصنع بالضرورة فريق ذكي عاطفياً. لذا، فإن إنشاء عادات من الثقة بين الأعضاء، والشعور بهوية الفريق وفعّاليته تتطلب أكثر من عدد قليل من الأعضاء الذين يظهرون سلوكًا ذكيًا عاطفيًا. إنها تتطلب جوًا جماعيًا فيه من المعايير التي تبني القدرة العاطفية للاستجابة البنَّاءة في المواقف المختلفة، والتأثير على المشاعر بطرق بنَّاءة.
الذكاء العاطفي للفريق أكثر تعقيدًا من الذكاء العاطفي للفرد لأن الفِرق تتفاعل على مستويات أكثر. لفهم الاختلافات، دعونا نلقي نظرة على مفهوم الذكاء العاطفي الفردي الذي هو دراية ووعي الفرد بالعواطف وقدرته على تنظيمها. حيث أن هذا الوعي والتنظيم موجَّهان إلى الداخل وإلى الذات وإلى الخارج وإلى الآخرين. لأن “الكفاءة الشخصية” تأتي من إدراك المرء لمشاعره وإدارتها وتنظيمها. أما “الكفاءة الاجتماعية” هي الوعي وإدارة وتنظيم مشاعر الآخرين. ومع ذلك، يجب أن يتحضّر الفريق إلى مستوى آخر من الوعي والإدارة والتنظيم. كما يجب أن يضع في اعتباره مشاعر أعضائه، وعواطف الفريق الخاصة به أو الحالة المزاجية، ومشاعر الفرق والأفراد الآخرين.
التعامل مع منظور أعضاء الفريق
تبني العديد من الفرق ذكاءً عاطفيًا عاليًا من خلال بذل الجهد للنظر في الأمور من منظور الفرد. على سبيل المثال، حصول موقف يجب أن يتوصل فيه فريق مكون من أربعة أعضاء إلى قرار؛ ثلاثة منهم متفقون على اتجاه واحد والرابع يفضل اتجاهًا آخر. تقليدياً، في هذه الحالة تنتقل العديد من الفرق مباشرةً إلى تصويت الأغلبية. لكن الفِرق الذكية عاطفياً ستتوقف أولاً لسماع وجهة النظر المعترضة. بهذه الطريقة، يتمتع الفريق بفرصة أفضل لخلق نوع من الثقة بين الأعضاء ويؤدي إلى مشاركة أكبر.
تنظيم مشاعر أعضاء الفريق
الفهم الشخصي وتبنِّي المنظور هما طريقتان يمكن لفرق العمل أن تصبح أكثر وعياً بوجهات نظر أعضائها ومشاعرهم. ولكن لا تقل أهمية الوعي عن القدرة على تنظيم تلك المشاعر، ليكون لها تأثير إيجابي على كيفية التعبير عنها وحتى على شعور أعضاء الفريق الفرديين. حيث أن الهدف يجب أن يكون تحقيق التوازن بين تماسك الفريق وتفرُّد الأعضاء بوجهات نظرهم. كما أن الطريقة البنَّاءة لتنظيم مشاعر أعضاء الفريق هي من خلال وضع معايير في المجموعة لكل من المواجهة والاهتمام. لذلك لاستيعاب أعضاء الفريق، لا بد من تعزيز معايير وقواعد التفاهم الشخصي، وتبنِّي المنظور، والمواجهة، والاهتمام. والتي بدورها تبني الثقة والشعور بهوية الفريق وفعّاليته بين أعضائه.
فعَّالية فِرق العمل الذكية عاطفياً
تبذل العديد من الفرق جهودًا واعية لبناء روح الفريق. ما يحدث هنا هو أن فرق العمل وقادتها يدركون أن بإمكانهم تحسين الموقف العام للفريق. أي أنهم ينظمون المشاعر على مستوى الفريق.
تضع فرق العمل الذكية عاطفياً معايير تعزِّز قدرتهم على الاستجابة بفعالية لنوع التحديات العاطفية التي يواجهها الفريق على أساس يومي. علماً أن هذه المعايير تساهم في:
- خلق موارد للعمل يمكن لجميع الأعضاء الاعتماد عليها للتعامل مع مشاعر وعواطف الفريق.
- إيجاد بيئة عمل ايجابية من خلال تنظيم المشاعر على مستوى الفريق، حيث يتم تفضيل التفاؤل والصور والتفسيرات الايجابية على السلبية.
- التركيز على حل المشكلات الاستباقي للمواقف الصعبة، حيث يشير إلى فريق عمل يتحكم بعواطفه، ويرفض الشعور بالعجز، ولديه الحرص والقدرة على تولي زمام الأمور.
القواعد التي تبني الثقة وهوية الفريق وفعاليته هي المفتاح لجعل الفرق مبدعة. إنها تسمح لفريق من ذوي المهارات العالية والموارد لتحقيق إمكاناته، ويمكنهم مساعدة الفريق الذي يواجه تحديات كبيرة في تحقيق انجازات كبيرة.
يمكن أن يؤدي تشجيع الفرق على تطوير المعايير المتعلقة بالذكاء العاطفي إلى زيادة إنتاجية الفرق وإنشاء تعاون أفضل بين فرق متعددة. كما أن الموظفين الذين يمكنهم الوثوق بأعضاء فريقهم للعمل باستمرار بطريقة ذكية عاطفيًا يكونون أكثر تحفيزًا للعمل معًا بفعالية.
في عصر العمل كفريق، من الضروري معرفة ما الذي يجعل الفرق تعمل. حيث أن فرق العمل، كالأفراد تماماً، الأكثر فاعلية هي تلك التي تتمتع بالذكاء العاطفي. كما أن أي فريق يمكنه تحقيق الذكاء العاطفي.