الإبداع ليس مهمًا فقط لصنف محدد من الناس، كما أنه ليس ميزة “إضافية” غير ضرورية بالنسبة لهم. بل على العكس من ذلك فقد أصبح من الضروري أن يكون الإبداع كميزة إضافية للموارد البشرية العاملة في المؤسسات. وإذا كنت تريد أن يكون موظفوك فريق أكثر إنجازاً وإنتاجية. فأنت بحاجة إلى أن يكون كل موظف لديك في ذروته الإبداعية. فالإبداع يسمح بإيجاد حلول بديلة للمشاكل الصعبة والمعقدة، ويسمح للأفكار الجديدة بالظهور وإعادة تشكيل افتراضات المؤسسة وتوجهاتها المستقبلية. وكذلك يساعد الموظفين على تحسين سير عملهم وأساليبهم. والأهم من ذلك أنه يلهم الموظفين ويجعلهم فريق أكثر إنجازاً وإنتاجية.
علماً أن هذا لا يعني بالضرورة أن تقوم بتوظيف أشخاص أكثر إبداعاً وضمهم لفريق عملك. فعلى الرغم من أن بعض الأشخاص قد يولدون بميل أعلى نحو الإبداع. فإن هذا لا يعني أن الآخرين بطبيعتهم أقل إبداعًا. في حين أن كل شخص لديه درجة من الشرارة الإبداعية بداخله، فما عليك كقائد عمل ناجح ومتميِّز سوى السماح لهذا الإبداع بالازدهار. قد يساعدك توظيف المرشحين المبدعين بشكل طبيعي. ولكن يجب أن يكون هدفك وأولوياتك الأساسية هو خلق بيئة تغذِّي الإبداع لدى الجميع دون استثناء.
لايجاد وخلق بيئة عمل إبداعية أقترح عليك اعتماد الطرق التالية في مؤسستك ومع فريق عملك:
أ) اعتمدْ برامج عمل مرِنة
لقد أظهرت العديد من الدراسات أن برامج العمل المرنة تؤدي إلى معدلات أعلى من الإنتاجية الإجمالية ورضا وظيفي أعلى. لذا فإن نتيجة هكذا دراسات يجب أن تشجعك في حد ذاتها على تبني سياسة الوقت المرن لأنه يؤدي إلى مزيد من الإبداع.
وتتضمن برامج العمل المرنة تفكيك يوم العمل الإلزامي (09:00 – 17:00). حيث تسمح مثل هذه البرامج بساعات مرنة أو أيام عمل من المنزل أو حتى إجازة غير محدودة. ومن الأهمية بمكان أن تتمتع هذه البرامج بدرجة معينة من المرونة لاستيعاب أنواع مختلفة ومتنوعة من الموظفين. علماً أنه عندما لا يركز الموظفون على الالتزام بالمواعيد الدقيقة. أو الانتظار على مدار الساعة، أو الإسراع في العودة من استراحة الغداء، فإن لديهم المزيد من الوقت لفك الضغط والحصول بشكل طبيعي على حلول مجردة.
كمدير مستقبلي بتطبيقك لبرمج العمل المرنة فإنك تتيح لموظفيك “بالعمل خارج الصندوق” من أجل “التفكير خارج الصندوق”.
ب) اسمحْ ونظِّمْ فترات الراحة
أثبتت العديد من الدراسات أن السماح بفترات الراحة يزيد من إنتاجية الموظفين ورضاهم الوظيفي. وكذلك أيضاً فإنها تساهم في زيادة قدرتهم على تحسين التفكير الإبداعي. كما أن تعزيز ثقافة السماح وتنظيم فترات راحة في عمل مؤسستك يضفي على العمل شعوراً بالراحة والحافز لنشاط وإبداع وإنجاز أكثر.
لذا عندما لا تضغط على موظفيك لإكمال مهمة ما، فهذا يمكِّنهم من إتمامها بطريقة أكثر استرخاء ومدروسة. لأنه خلال فترات الراحة سيكون لديهم الحرية في الابتعاد والتفكير بشكل عرضي في المشكلة والتوصل في النهاية إلى حل بديل صحيح.
ج) اصغِ بفعاليَّة إلى الأفكار الجديدة
إن أحد أكبر معوقات الانتاجية والإنجاز في العمل ليس غياب الإبداع فحسب، بل هو عدم الإصغاء للإبداع الموجود. قد يتوصل الموظفون لديك إلى أفكار رائعة ومبتكرة وذكية. ولكن إذا لم يشعروا بالراحة والحرية في طرح هذه الأفكار ومناقشتها، فلن تسمع عنها أبدًا.
لحل هذا التناقض، عزِّز ثقافة الاستماع والإصغاء بفعالية إلى كل فكرة جديدة. حتى الأفكار السيئة منها والأخرى التي تتعارض مع تفكيرك. لست مضطرًا للتصرف بناءً عليها، ولكن عليك أن تقدِّرها وكذلك عليك تقديم ملاحظات صادقة وتقدِّر وتشكر الموظفين على أفكارهم. كقائد عمل ناجح فإن قيامك بذلك بانتظام سيؤدي إلى خلق جو وبيئة لتوليد الأفكار الإيجابية، والتي يجب أن تستمر مع مرور الوقت.
د) أضِفْ المؤثرات الحسية والمنعشة لمكان العمل
في كثير من الأحيان تأتي معظم التجارب الإبداعية من الجمع بين فكرتين غير مرتبطتين. لذا فإن إنعاش مكان العمل من خلال إضافة المؤثرات الحسية يمكن أن يساهم في تدفق الأفكار غير المتسلسلة وغير المرتبطة ببعضها البعض لدى الموظفين. وكذلك يمكن أن يساعد الموظفين في العثور على إلهامٍ جديد.
ويمكنك إنعاش مكان العمل، على سبيل المثال، من خلال تعليق لوحات فنية هادفة على جدران المكاتب تثير التفكير. أو جعل روائح العطر المنعش بالإضافة إلى نباتات الزينة الخضراء دائمة في المكاتب. أو تشغيل موسيقى هادئة غير تقليدية موزعة عبر أجهزة صوتية في المكاتب وجميع أرجاء المكان. حيث سيؤدي القيام بذلك إلى مساعدة الموظفين على التفكير بطرق جديدة وزيادة تحفيزهم من خلال بيئتهم الإبداعية. لذلك سيشعر فريق عملك بالسعادة ويكون أكثر إنتاجية بالإضافة إلى كونه أكثر إبداعًا.
هـ) عزِّز عقلية “العمل كفريق”
من النادر أن تظهر فكرة إبداعية تلقائيًا في رأس شخص واحد. في الواقع، أفضل الأفكار الإبداعية هي تلك التي تم تعديلها وإضافتها بعد مناقشتها مع أعضاء الفريق. فالإبداع هو رياضة جماعية، لذا يجب أن تجعل من مسؤوليتك كقائد عمل ناجح مساعدة أعضاء فريقك على العمل معًا.
لذا، قم بتيسير عقلية ” العمل كفريق” من خلال إزالة الحواجز بينك وبين أعضاء فريقك. وإجراء تمارين جماعية وإعطاء أعضاء الفريق فرصًا للتواصل الفعّال مع بعضهم البعض. سيساعدهم القيام بذلك على الثقة ببعضهم البعض، والعمل معًا لإحياء أفكار جديدة.
لا يأتي الإبداع بشكل طبيعي للجميع. ولكن في ظل هذه الظروف المقترحة، ستجد موظفيك لديهم المزيد من الأفكار والتوقعات الأفضل والمزيد من الحلول المثيرة للاهتمام للمشاكل التي توجهها مؤسستك وعملك. وكلما زاد عملك مع موظفيك بعقلية ” العمل كفريق ” وزادت راحة فريقك في بيئتك الإبداعية، كلما زادت إمكانية الحصول على أفكار إبداعية.
كقائد عمل متميِّز اجعل بيئة عملك ابداعية، لأن بيئة العمل هي المكان الذي يقضي فيها الموظف معظم الوقت في اليوم، وهي الأكثر تأثيراً في حياته. وهي التي تؤدي إلى خلق فريق أكثر إنجازاً وإنتاجية لمؤسستك.